للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان الجاهليون يستعملون المكاييل في الغالب لقياس الجوامد والمائعات على حد سواء. وذلك كما يتبين من دراسة أسماء المعايير بالقياس إلى المعايير المستعملة عند الرومان واليونان, وكما يتبين من مراجعة معجمات اللغة، حيث تذكر المقياس في قياس الجوامد أحيانًا وفي قياس المائعات أحيانًا أخرى, وكما يتبين من عدم تفريق بعض اللغويين بين الوزن والكيل.

وقد جاءت في كتب الحديث والفقه وكتب اللغة أسماء بعض العيارات والموازين التي كان يستعملها العرب قبل الإسلام. ويظهر من هذه الكتب أن هذه العيارات والموازين كانت تختلف باختلاف المواضع، وإن اتفقت في الأسماء؛ فبين مكة والمدينة مثلًا اختلاف في تقدير العيارات. كذلك اختلف العرب في وزن الأشياء في بعض الأحيان، فقد ذكر أن أهل المدينة كانوا يكيلون التمر، وهو يوزن في كثير من الأمصار, ثم إن بعض المواد تكال وتوزن، فالسمن يكال في بعض الأماكن، ويوزن في أماكن أخرى، ويكال ويوزن في آنٍ واحدٍ في أماكن غيرها١. وقد ورد في الحديث: "الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة"٢.

والكيل والوزن سواء في معرفة المقادير, وتعني لفظة "كال" معنى وزن. وقد ورد عن النبي أنه قال: "المكيال مكيال أهل المدينة, والميزان ميزان أهل مكة"٣, وورد: الكيل: كيل الطعام، يقال: كلتُ الطعام: إذا توليت ذلك له. وورد في القرآن الكريم: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ٤, وذلك إن كان مخصوصًا بالكيل، فحثَّ على تحري العدل. وقد وردت لفظة: "الكيل" و"كيل" و"المكيال" و"كلتم" و"اكتالوا" و"نكتل" في مواضع من القرآن الكريم٥.

ويعبر عن الوزن وعن قياس الأبعاد بلفظة: "كل" "كال" أي: "كالَ"


١ تاج العروس "٨/ ١٠٧"، "كيل".
٢ جامع الأصول "١/ ٣٧١".
٣ جامع الأصول "١/ ٣٧١"، اللسان "١١/ ٦٠٥".
٤ سورة المطففين، الآية ١ وما بعدها، المفردات "٤٦٠".
٥ الأنعام، الآية ١٥٢، الأعراف الآية ٨٥، يوسف الآية ٥٩، ٦٠، ٦٣، ٦٥، ٨٨، الإسراء، الآية ٣٥، الشعراء, الآية ١٨١، هود، الآية ٨٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>