للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلافًا كبيرًا، وليس بمستبعد أن تكون الأبجديتان قد تفرعتا من أصل واحد.

والرأي عندي أن من الصعب البت في الوقت الحاضر في موضوع أصل المسند؛ لأن صور الأبجديات القديمة الواصلة إلينا لا تزال قليلة، ولا نجد بين صورها وبين صور المسند تشابهًا كبيرًا بحيث يمكن أن نستنبط من هذا التشابه حكمًا يفيدنا في تعيين أصل المسند. والتشابه بين حروف قليلة لا يمكن أن يكون سببًا للحكم باشتقاق خط من خط. وعندي أن الأبجدية العربية الجنوبية تمثل مجموعة خاصة، تفرعت من أصل لا نعرف من أمره اليوم شيئاً؛ لأن شكل حروف المسند لا يشبه شكل حروف الأبجديات المعروفة، فلننتظر فلعل المستقبل يكشف للعلماء النقاب عن أبجديات مجهولة١.

ولا يعقل بالطبع أن يكون أهل العربية الجنوبية قد أوجدوا خطهم من العدم، من غير استعانة بعلم مسبق عن الحروف والأبجديات، بل لا بد أن تكون أبجديتهم قد أخذت من أبجدية أخرى، ومن فرع من فروع الخط الذي أوجدته البشرية، ودليل ذلك أن أسماء الحروف الأساسية التي ترد في كل أبجدية هي واحدة، وفي وحدة الأسماء دلالة على وجود أصل واحد، تفرعت منه الخطوط. والمسند بالنسبة لنا، هو خط قائم بذاته، يشابهه الخط الحبشي، ومن فروعه الأبجدية اللحيانية والثمودية والصفوية. فكل هذه الأبجديات هي من فصيلة واحدة رأسها المسند، أما ما فوق المسند، فلا نعرف من أمره أي شيء.

وفي المسند حرف لا وجود له في أبجديتنا يكون على هذا الشكل:

وهو بين الزاي والسين، ولذلك يجعله البعض سينًا حين ينقلون نص كتابة عربية جنوبية إلى عربيتنا، أو إلى اللغات الأوروبية. كما يقرأ حرف الجيم "٦" "كيما" في المسند على نحو نطق المصريين بهذا الحرف في لسانهم.

ومن القلم المسند أخذ الأحباش قلمهم الذي يكتبون به، نقله إليهم السبئيون


١ السامية "٢٤٢ فما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>