للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض ما نسب إليهم سجع قصير، وبعضه كلام منظوم وبعضه مثلٌ زعم أنهم ضربوه فسار بين الناس.

وقد اشتهر الشرق بالحكمة، وهو ما زال على حبه لها باعتبارها أداة للتعليم والتثقيف. والحكيم، هو "حكيمو" Hakimo في الإرمية، بمعنى عالم١. ونرى في التوراة إصحاحات مثل: الأمثال وأيوب ونشيد الأنشاد وغيرها، ملئت حكمة. والحكيم هو "حكميم" عند العبرانيين. وأما الحكمة، فهي: "حوكماه" "حوكمه٢" Hokhmah.

و"الحكيم" في تعريف علماء اللغة: العالم وصاحب الحكمة، المصيب برأيه، الذي يقضي على شيء بشيء، فيقول: هو كذا وليس بكذا. وهو الذي يحسن دقائق الصناعات ويتقنها. وقد ورد في الحديث: إن من الشعر لحكمًا، أي: إن في الشعر كلامًا نافعًا يمنع من الجهل والسفه وينهى عنهما، قيل: أراد به المواعظ والأمثال التي ينتفع بها الناس. ويروى إن من الشعر لحكمة. وقد سُمي الأعشى قصيدته المحكمة حكيمة، أي ذات حكمة، فقال:

وغريبة تأتي الملوك حكيمة ... قد قلتها ليقال من ذا قالها٣

وقالوا إن من معاني: الحكيم الحاكم، وهو القاضي، أو هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها، وإن الحكمة: العدل ورجل حكيم، عدل حكيم. وإن "المُحكّم" هو الشيخ المجرب المنسوب إلى الحكمة، ولذلك يقال للرجل إذا كان حكيمًا: قد أحكمته التجارب. والحكيم: المتقن للأمور٤. وفي هذه التعاريف دلالة على أنهم كانوا يسمون الحكمة بالتبصر في الأمور، وباستقراء الحوادث ودراستها لاستخراج التجارب منها، والحكم بموجبها، ومن هنا أدخلوا الحكم بين الناس، والنظر في الأحكام في جملة أمور الحكمة.

وليس هذا الرأي، هو رأي العرب وحدهم، فقد كان هذا الرأي معروفًا


١ غرائب اللغة "ص١٧٩".
٢ Hastings, Diction, I, p. ٦٤, A. Dictionary of Christ, and the Gospels, vol, II, p. ٨٢٥. ff, B.W Ardeon, understanding the old Testament, p. ٤٦٧.
٣ تاج العروس "٨/ ٢٥٥"، "حكم".
٤ اللسان "١٢/ ١٤٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>