للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للخمر، لأن ما يتلوه شهور الحج، وناطل مكيال للخمر، سمي لإفراطهم في الشرب وكثرة استعمالهم لذلك المكيال، والعادل من العدل، لأنه من أشهر الحج، وكانوا يشتغلون فيه عن الناطل، والرنة كانت الأنعام ترن فيه لقرب النحر، وبرك سمي لبروك الإبل إذا أحضرت المنحر١.

وعللوا تسمية المحرم بهذا الاسم، لكونه من جملة الحرم، وصفر بالأسواق التي كانت باليمن تسمى الصفرية، وشهري الربيع للزهر والأنوار وتواتر الأندية والأمطار، وهو نسبة على طبع الفصل الذي نسميه نحن الخريف، وكانوا يسمونه ربيعًا، وشهري جمادى لجمود الماء فيهما، ورجب لاعتمادهم الحركة فيه، لا من جهة القال، أو لخوفهم إياه، يقال: رجبت الشيء، إذا خفته، وشعبان لتشعب القبائل فيه، ورمضان للحجارة ترمض فيه من شدة الحر، وشوال لارتفاع الحر وادباره، وذي القعدة للزومهم منازلهم، وذي الحجة لحجهم فيه٢.

وعلل بعضهم تسمية الأشهر بقوله: سمي المحرم محرمًا تأكيدًا لتحريمه، لأن العرب كانت تتقلب به، فتحله عامًا وتحرمه عامًا، وسمي صفر بذلك، لخلو بيوتهم منهم حين يخرجون للقتال والأسفار. وشهر ربيع الأول، سمي بذلك، لارتباعهم فيهم، والارتباع الإقامة في عمارة الربع، وربيع الآخر كالأول. وجمادى: سمي بذلك لجمود الماء فيه. ورجب من الترجيب، وهو التعظيم. وشعبان من تشعب القبائل وتفرقها للغارة. ورمضان من شدة الرمضاء، وهو الحر. وشوال من شالت الإبل بأذنابها للطراق، وذو القعدة، لقعودهم فيه عن القتال والترحال، وذو الحجة. لإيقاعهم الحج فيه٣.

ويظهر من تفسير أسماء بعض الأشهر وتعليلها أن لتسمياتها علاقة بالمواسم وبالعوارض الطبيعية الجوية مثل البرد والحر والاعتدال في الجو، وأن مسمياتها، أي: الشهور المسماة بها، كانت شهورًا ثابتة في الأصل، وإلا فلا يعقل تفسيرها


١ الآثار الباقية "١/ ٦١"، المرزوقي "١/ ٢٧٥ وما بعدها".
٢ الآثار الباقية "١/ ٦٠"، الفراء "ص٩ وما بعدها"، بلوغ الأرب "٣/ ٧٨"، المسعودي، مروج "٢/ ١٨٨ وما بعدها"، "سني العرب وشهورها وتسمية أيامها ولياليها"، وتجد تفسيرات عديدة أخرى في تعليل تسمية هذه الأشهر، تدل على أنها مما وضعه الرواة فيما بعد، حينما احتاج الناس إلى التعرف على سبب التسميات، صبح الأعشى "٢/ ٣٧٥ وما بعدها".
٣ ابن كثير "٢/ ٢٥٤"، المسعودي، مروج الذهب "٢/ ١٨٨ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>