للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك من اللغويين والأخباريين من يرى أن هذه الأسماء المتداولة مروية عن أهل الكتاب، وأن العرب المستعربة لما جاورتهم أخذتها عنهم، وأن العرب العاربة لم تكن تعرف هذه الأسماء١.

وذكر بعض أهل الأخبار، أن الأيام المذكورة، هي ما نطقت به العرب المستعربة من ولد إسماعيل، وهي مروية عن أهل الكتاب، وأن العرب المستعربة لما جاورتهم أخذتها عنهم، وأن الناس قبل ذلك لم يكونوا يعرفون إلا الأسماء التي وضعتها العرب العاربة، وهي أبجد هوز حطي كلمن سفعص قرشت٢.

ولا يملك الأخباريون دليلًَا مقنعًا يثبت لنا بجلاء أن أيام الأسبوع المعروفة اليوم إنما وضعت في الإسلام. وفي رواياتهم عن يوم الجمعة ما يخالف زعمهم هذا.

ثم إن كلمة "السبت" وردت في آية مكية٣. وورودها في آية مكية دليل على وقوف أهل مكة عليها ومعرفتهم بها. أما لفظة "الجمعة"، قد ودت في سورة مدنية، أي: أنها نزلت بعد الهجرة٤.

وعندي أن أسماء أيام الأسبوع المستعملة عندنا كانت معروفة في يثرب وفي مكة قبل الإسلام. وقد تعلمها أهل يثرب من اليهود، من اختلاطهم بهم. فإن هذا الترتيب للأسبوع مبني على قصة الخلق الواردة في التوراة. ولا بد لذلك لمستعملي هذا الترتيب من أن يكونوا قد تعلموه من مصدر يهودي أو من مصدر له صلة باليهود، أو من النصارى الساكنين بيثرب أو بمكة. فإننا نعرف أن العبرانيين كانوا لا يسمون أيام الأسبوع بأسماء خصوصية، ولكنهم كانوا يعدونها بحسب ترتيبها، فيقولون اليوم الأول والثاني والثالث كما هو في العربية، إلا يوم الجمعة والسبت، فقد كانوا يسمون الجمعة "عريب شبات" Ereb Shabat، ومعناه "مساء السبت" و"عشية السبت". وأما السبت، فهو "شبت" "شبات" ومعناه الراحة Rest، وذلك لاعتقادهم ولما ورد في سفر التكوين: أن الله خلق العالم في ستة أيام، واستراح في اليوم السابع. فسموا هذا اليوم:


١ بلوغ الأرب "١/ ٢٧٥".
٢ صبح الأعشى "٢/ ٣٦٥".
٣ النحل: الآية ١٢٤.
٤ الجمعة: الآية٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>