للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللوقوف على معنى: "العربية"، يجب الرجوع إلى ما ورد عنها في الأخبار. فقد ورد أن الرسول "دخل المسجد فرأى جمعًا من الناس على رجل، فقال: ما هذا؟ قالوا: يا رسول الله، رجل علَّامة، قال: وما العلَّامة؟ قالوا: أعلم الناس بأنساب العرب، وأعلم الناس بعربية، وأعلم الناس بشعر، وأعلم الناس بما اختلف فيه العرب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر" ١. وهو خبر يرجع سنده إلى أبي هريرة.

ووردت اللفظة في روايات أخرى يرجع الرواة زمانها إلى أيام الخليفة "عمر بن الخطاب". فقد روي عن "عثمان المهري أنه قال: "أتانا كتاب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ونحن بأذربيجان يأمرنا بأشياء، ويذكر فيها: تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة"٢. وقد روي أن أعرابيًا سمع قارئًا يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بجر رسوله، فتوهم عطفه على المشركين. فقال: أَوَ بَرِئ الله من رسوله؟ فبلغ ذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأمر أن لا يقرأ القرآن إلا من يحسن العربية"٣. وروي أن الخليفة المذكور، كتب إلى "أبي موسى الأشعري"، يوصيه، فكان مما قاله له: "خذ الناس بالعربية، فإنه يزيد في العقل ويثبت المروءة"٤.

ونسبت إلى "عمر" رسائل أخرى، ذكر أنه وجهها إلى عاملة المذكور فيها: "أما بعد: فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي وتمعددوا فإنكم معديون"٥. و"أما بعد: فتفقهوا في الدين، وتعلموا السنة، وتفهموا العربية، وتعلموا طعن الدرية، وأحسنوا عبارة الرؤيا، وليعلم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب"٦، أو أنه قال: "تفقهوا في الدين، وأحسنوا عبارة الرؤيا، وتعلموا العربية"٧. وفسر "الحسن" العربية، بأنها التنقيط، أي


١ ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين "١/ ٨٧".
٢ صبح الأعشى "١/ ١٦٨".
٣ صبح الأعشى "١/ ١٦٩".
٤ اللسان "١/ ١٥٥"، "مرأ"، تاج العروس "١/ ١١٧"، "مرأ"، خورشيد أحمد فارق "١٤١"، "النص العربي".
٥ كَنْزُ العُمَّال "٥/٢٢٨"، خورشيد أحمد فارق "١٣٩"، "النص العربي".
٦ القِفْطي، إنباه "١/ ١٦"، خورشيد أحمد فارق "١٣٩".
٧ السجستانى، المصاحف "١٤٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>