للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل فحل منهم شيطانًا يقول الشعر على لسانه، فمن كان شيطانه أمرد كان شعره أجود"١، وورد أن الفرزدق كان يرى أن للشعر شيطانين، يدعى أحدهما: الهوبر، والآخر: الهوجل، فمن انفرد به الهوبر جاد شعره وصح كلامه، ومن انفرد به الهوجل فسد شعره٢.

وقد زعم أبو النجم أن شيطانه الذي يوحي إليه الشعر شيطان ذكر، أما شياطين بقية الشعراء فإناث:

إني وكل شاعرٍ من البشرِ ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر

فما يراني شاعرٌ إلا استتر ... فعل نجوم الليلِ عاين القمر٣

وقال آخر:

إني وإن كنت صغير السن ... وكان في العين نبو عني

فإن شيطاني أميُر الجنّ ... يذهب بي في الشعر كل فن٤

وروي أن السعلاة لقيت حسان بن ثابت في بعض طرقات المدينة، وهو غلام قبل أن يقول الشعر، فبركت على صدره، وقالت أنت الذي يرجو قومك أن تكون شاعرهم؟ قال: نعم. قالت: فأنشدني ثلاثة أبيات على روي واحد وإلا قتلتك، فقال:

إذا ماترعرع فينا الغلام ... فما أن يقال له من هوه

إذا لم يسد قبل شد الإزار ... فذلك فينا الذي لا هوه

ولي صاحب من بني الشيصبان ... فحينًا أقول وحينًا هوه٥

فخلت سبيله. فهذا الأبيات هي على زعم أهل الأخبار أول شعر حسان. قالها بوحي من شيطانه الشيصبان.


١ ثمار القلوب "٦٩ وما بعدها".
٢ الرافعي، تأريخ آداب العرب "٣/ ٥١".
٣ الحيوان "٦/ ٢٢٩"، ثمار القلوب "٧١"، ديوان المعاني "١/ ١١٣"، الراغب، محاضرات "١/ ٢٨٠".
٤ ثمار القلوب "٧٢"، الخصائص "١/ ٢٢٥".
٥ الخزانة "١/ ٤١٨ وما بعدها"، "بولاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>