للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين يقولون الشعر، وهم أحرار طلقاء، لعدم وجود الموهبة الشعرية فيهم، والبصر بالعروض يجعل من حافظه شاعرًا.

والمعروف بين الناس أن العروض في الإسلام، وضعه "أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم" الفراهيدي الأزدي اليحمدي "١٠٠- ١٧٠، ١٧٥"١. استخرج الأوزان، ودون البحور، "وكان غاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس. وهو أول من استخرج العروض وحصن به أشعار العرب"٢. وقد عرف بـ"صاحب العروض"٣. وقيل عنه: كان "الغاية في تصحيح القياس، واستخراج مسائل النحو وتعليله"٤، "وهو أول من استخرج علم العروض، وضبط اللغة. وكان أول من حصر أشعار العرب. روي عنه أنه كان يقطع العروض فدخل عليه ولده في تلك الحالة فخرج إلى الناس وقال: إن أبي قد جن. فدخل الناس عليه وهو يقطع العروض فأخبروه بما قال ابنه، فقال له:

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ... أو كنت تعلم ما أقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتني ... وعلمت أنك جاهل فعذلتكا٥

و"الخليل" نفسه من الشعراء، وقد أورد العلماء له شعرًا٦. وقد أورد "ابن قتيبة" له أبياتًا، عقب عليها بقوله: "وهذا الشعر بَيِّن التكلف رديء الصنعة. وكذلك أشعار العلماء، ليس فيها شيء جاء عن إسماح وسهولة، كشعر الأصعمي، وشعر ابن المقفع، وشعر الخليل، خلا خلف الأحمر، فإن كان أجودهم طبعًا وأكثرهم شعرًا٧.

وقد تعرض "أبو الحسين أحمد بن فارس" لموضوع نشأة النحو والعروض في الإسلام، فقال: "فإنا لم نزعم أن العرب كلها -مدرًا ووبرًا- قد عرفوا


١ الفهرست "٦٩ وما بعدها"، "المقالة الثانية"، القِفْطِي، إنباه الرواة "١/ ٣٤٢"،
٢ الفهرست "٧٠".
٣ السيوطي، بغية "٢٤٣"، ياقوت، إرشاد "٤/ ١٨١"، ابن الأنباري، نزهة "٥٥".
٤ نزهة الألباء، لابن الأنباري "٢٩"، "بغداد ١٩٥٩م".
٥ نزهة الألباء "٢٩ وما بعدها"، "بغداد ١٩٥٩م".
٦ المحاسن والأضداد "٥٠"، الشعر والشعراء "١/ ١٦"، "٢/ ٦٣٠".
٧ الشعر والشعراء "١/ ١٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>