للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لواء الشعراء يقودهم إلى النار"١. أو أنه قال: "إنه أشعر الشعراء، وقائدهم إلى النار. يعني شعراء الجاهلية والمشركين"٢.

وروي أن عمر بن الخطاب كان يفضل امرأ القيس على غيره، ذكر أنه قال للعباس بن عبد المطلب، "وقد سأله عن الشعراء: امرؤ القيس سابقهم: خَسَفَ لهم عين الشعر، فافتقر عن معانٍ عور أصح بصر"٣. "يريد أنه أول من فتق صناعة الشعر وفنَّن معانيها واحتذى الشعر على مثاله"٤. وذكر أن علي بن أبي طالب كان يرى له التقدم على غيره، وذلك بقوله "رأيته أحسنهم نادرة، وأسبقهم بادرة، وأنه لم يقل لرغبة ولا لرهبة"٥. فأنت ترى أن الرسول وعمر وعلي، قدَّما امرأ القيس على غيره، وهم من أهل الحجاز. ولكننا نجد في الوقت نفسه رواية تذكر أن ابن عباس قال: قال لي عمر: أنشدني لأشعر شعرائكم. قلت من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: زهير، قلت: ولِمَ كان ذلك؟ قال: كان لا يعاضل بين الكلام، ولا يتتبَّع حوشيه، ولا يمدح الرجل إلا بما فيه"٦. فهو يفضل في هذه الرواية زهيرًا على غيره، بما فيهم امرئ القيس، إذ لم يشر إليه باستثناء.

تم نجد رواية أخرى تذكر أن عمر بن الخطاب قال: أي شعرائكم يقول:

ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب

قالوا: النابغة. قال هو: أشعرهم"٧. "وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يقدم النابغة، ويقول: هو أحسنهم شعرًا، وأعذبهم بحرًا، وأبعدهم قعرًا"٨. فأبو بكر وعمر في هذا الموقف سواء، فَضَّلا النابغة على سائر الشعراء.


١ بلوغ الأرب "٣/ ٩٣"، المزهر "٢/ ٤٧٨".
٢ العمدة "١/ ٩٤".
٣ العمدة "١/ ٩٤"، الفائق "١/ ٣٤٣".
٤ تاج العروس "٣/ ٤٧٥"، "فقر".
٥ العمدة "١/ ٤١ وما بعدها، ٩٤"، تاج العروس "٧/ ٤١٢"، "ضلل".
٦ طبقات ابن سلام "١٨"، العمدة "١/ ٩٨"، الفائق "٢/ ١٦٥"، الشعر والشعراء "١/ ٧٦".
٧ ابن سلام، طبقات "١٧"، السيوطي، شرح شواهد "١/ ٧٩ وما بعدها".
٨ العمدة "١/ ٩٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>