للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما هجا النجاشي بني العجلان، فشكوه إلى عمر، حكم عمرُ حسان بن ثابت، والحطيئة في أمر هذا الهجاء فلما حكما بأنه هجاهم قال له عمر: إن عدت قطعت لسانك"١. وروي أن رجلا مر بباب رجل، وقد كان فتمثل:

هل ما عملت وما استودعت مكتوم

فاستعدى رب البيت عليه عمر، فأمر به عمر فحدّ٢.

وذكر أن النبي قال: "من قال في الإسلام هجاء مقذعًا فلسانه هدر"٣. وأنه لما بلغه هجاء الأعشى علقمة بن علاثة العامري، نهى أصحابه أن يرووا هجاءه٤. وروي أن المنع عن رواية الشعر، كان خاصًّا بالشعر الذي هجي به النبي٥.

ولما هجا ضابئ بن الحارث وكان رجلا بذيا كثير الشر، وكان بالمدينة صاحب صيد وصاحب خيل، قومًا من بني نهشل استعدوا عليه عثمان فحبسه٦. فكان حبسه لهجائه لا لشعره.

ومع ذلك، فقد تهاجى الشعراء في أيام الأمويين وتنازعوا فيما بينهم، وتطاول بعضهم على بعض، وجرأت السياسة هذا الهجاء وأمدته بوقود يزيد في حدته حدة، لعصبيات وسياسة، وتجرأ البعض في هجاء الحكومة وفي هجاء المعارضين حرض يزيد بن معاوية الشاعر الأخطل على هجاء الأنصار، وفي محيط مثل هذا المحيط، انقسم إلى أحزاب وفرق، متخاصمة شديدة عنيفة في الخصومة، لا بد وأن يجد الشعر فيه أرضًا طيبة، ومنبتًا خصبًا مساعدًا. فكانت للشعراء حرية في النيل بعضهم من بعض، واستفاد خلفاء بني أمية من ذلك، بتحريض شعرائهم على عض خصومهم، مما لا مجال للبحث عنه في هذا المكان.


١ الشعر والشعراء "١/ ٢٤٨"، "النجاشي".
٢ ابن سلام، طبقات "٣٦".
٣ العمدة "١/ ١٧٠".
٤ الفائق "١/ ٦٦٤".
٥ الفائق "٢/ ٣٨٩".
٦ ابن سلام، طبقات "٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>