للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان العلماء يتحذلقون في مثل الأمور، ويبحثون جهدهم عن الشاذ والغريب في الشعر، بل أخذ بعضهم يفتعل الغريب، ويضع الشاذ، فينسبه إلى المتقدمين لإفحام الخصم، ولإظهار مقدرته العلمية وبراعته في علوم اللغة أمام الخلفاء والحاكم وهذا مما أساء بالطبع إلى العلم، إذا أدى إلى دخول المصنوع في الشعر، وإلى الإساءة إلى سمعة العلماء. وتجد في "مجالس العلماء" للزجاجي، مجالس فيها من استهتار كبار العلماء بعضهم ببعض، ومن وضع أحدهم على

الآخر، ما يبعث على الشفقة على حال قسم منهم، لما بلغوه في كلامهم وفي تصرفاتهم من الإسفاف بسبب محاولتهم التقدم عند الحكام، بالمنزلة والجاه ونيل المال.

على كل حال، فقد خفت فوضى الرواية، بعد إقبال الناس على التدوين، وتحبير الشعر وأمالي المجالس وأقوال العلماء وآرائهم على القراطيس، خاصة بعد شيوع الاستنساخ وظهور جملة نسخ للكتاب الواحد، فضبطت بهذه الطريقة الرواية بعض الضبط، وصرنا أمام روايات متعددة للقطعة أو للقصيدة، وقد سدد هذه الطريقة وزاد في تثبيتها إقبال العلماء على نشر المخطوطات نشرًا حديثًا بواسطة الطباعة فوفرت هذه الطريقة نسخ المخطوطات القديمة للباحثين، ويسرت لهم بذلك الوقوف عليها مما مكنهم من إبداء نظرهم على ما جاء فيها من روايات عن الشعر العربي القديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>