للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الجاحظ "إن رجلا قتل أخوين في نقاب، أحدهما بعالية الرمح، والآخر بسافلته. وقدم في ذلك راكب من قبل بني مروان على قتادة يستثبت الخبر من قبله، فأثبته"١. وهو يروي عن ابن عباس٢، وعن أبي موسى٣، ويظهر من الأخبار المنسوبة إليه أنه من طراز القصاص والذين يروون الأخبار من دون نقد٤.

وورد أن الخطاط الشهير خالد بن أبي الهيجا، وهو أول من كتب المصاحف في الصدر الأول، وكان من أحسن الخطاطين في زمانه، كتب "المصاحف والشعر والأخبار للوليد بن عبد الملك"٥. وإذا صح هذا الخبر، نكون قد وقفنا على جمع قديم للشعر وهو في مقدمة المجموعات القديمة للشعر.

لكننا نجد في رواية تذكر أن حمادًا الراوية سرق جزءًا من أشعار الأنصار، فقرأه فاستحلاه وحفظه، فمن ثم صار يطلب الأدب ويحفظ الشعر٦. وهي رواية أشك في صحتها، يظهر أنها من موضوعات أعداء حماد، ولو صحت لكانت دليلا على وجود ديوان شعر ضم شعر الأنصار. كما نجد في خبر استدعاء الوليد بن يزيد له وإرساله إليه بمائتي دينار، وأمره عامله يوسف بن عمر أن يحمله إليه على البريد، وقوله في نفسه: "لا يسألني إلا عن طرفيه: قريش وثقيف: فنظرت في كتابي قريش وثقيف. فلما قدمت إليه سألني عن أشعار بلى"٧، دلالة على وجود ديوانين كانا عند حماد أحدهما ديوان شعر قريش، والآخر ديوان شعر ثقيف. غير أننا لا نستطيع التأكد من صحة هذا الخبر، وإن كنت لا أستبعده أيضًا، لظهور التدوين قبل هذا العهد، في أيام معاوية مثلا.

وإذا صح ما ذكره ابن النَّديم من قوله: "قال أبو العباس ثعلب جمع ديوان العرب وأشعارها وأخبارها وأنسابها ولغاتها الوليد بن يزيد بن عبد الملك ورد


١ البَيَانُ والتَّبْيينُ "٣/ ٢٧".
٢ الحيوان "١/ ١٨٠".
٣ الحيوان "١/ ٢٩٦".
٤ الحيوان "٥/ ٥٣٦، ٥٣٧"، "٤/ ٢٩٣ وما بعدها".
٥ الفِهْرِسْتُ "١٥"، "خطوط المصاحف".
٦ الأغاني "٥/ ١٦٣".
٧ الأغاني "٦/ ٩٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>