للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب على الحجر الثاني:

كل عيش تعله ... ليس للدهر خله

يوم بؤس ونعمى ... واجتماع وقله

حبنا العيش والتكا ... ثر جهل وضلة

بينما المرء ناعم ... في قصور مظله

في ظلال ونعمة ... ساحبًا ذيل حله

لا يروى الشمس ملغضا ... رة إذ زال زله

لم يقلها وبدلت ... عزة المرء ذله

آفة العيش والنعـ ... ـيم كرور الأهله

وصل يوم بليلة ... واعتراض بعله

والمنايا جواثم ... كالقصور المدله

بالذي تكره النفـ ... ـوس عليها مطله

ووجد في الحجر الثالث مكتوبًا:

يا أيها الناس سيروا إن قصركم ... أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا

حثوا المطي وأرخوا من أزمتها ... قبل الممات وقضوا ما تقضونا

كنا أناسا كما كنتم فغيرنا ... دهرا فأنتم كما كنا تكونونا١

وقد أضاف "الأزرقي" زيادات على هذه الأبيات الأخيرة.

والأبيات التي زعم أنها وجدت مدونة على الحجر الثالث، هي نفس الأبيات التي نسبها "ابن إسحاق" إلى "عمر بن الحارث بن مضاض" الجرهمي كما رأيت. ويظهر أن واضع هذه الأبيات قد استعان بالأبيات التي وجدت في سيرة "ابن هشام"، أو أنه أخذها من سيرة "ابن إسحاق". ويلاحظ أنها في الحث على الزهد والترغيب في الآخرة، ولو لم يكن هذا الشعر من النوع المصنوع، لكان من أقدم ما وصل إلينا من الشعر الجاهلي ولا شك.

و"العلماء من العرب الذين قالوا بمدة مائة وخمسين سنة تقريبًا للشعر الجاهلي،


١ الروض الأنف "١/ ٨٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>