للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطعنة مسحنفرة وجفنة متعنجرة تبقى غدا بأنقرة

فكان هذا آخر شيء تكلم به، ثم مات١.

ورويت كلماته الأخيرة على هذه الصورة:

رب خطبة مسحنفره ... وطعنة مثعنجره

وجعبة متحيره ... تدفن غدا بأنقره

كما روى شعره الذي قاله يخاطب قبرا لامرأة زعم أنها من بنات ملوك الروم، على هذا النحو:

أجارتنا إن المزار قريب ... وإني مقيم ما أقام عسيب

أجارتنا إنا غريبان ههنا ... وكل غريب للغريب نسيب٢

وهكذا نجد الرواة يختلفون فيما بينهم في رواية هذه الأشعار التي صنعت على لسان الشاعر، لتكون مادة مقومة للقصة. وكان آخر ما صنعوه لإتمام القصة، أن أوجدوا له قبرا بأنقرة، اتخذوه إلى جانب قبر منفرد منعزل، هو قبر إحدى بنات ملك من ملوك الروم، أوصاهم به "امرؤ القيس" نفسه لما رأى دنو أجله. فكانت الخاتمة مؤلمة، وكان الاختيار موفقا جدا، فالقبر قبر امرأة، وكان صاحبنا متيما بحب النساء، وكانت المرأة بنتا لملك من ملوك الروم، فهي من طبقته، وتصلح أن تكون جارة له، وهو ابن ملك، وكان صديقا حميما لقيصر الروم، يدخل معه الحمام ويراه عاريا تماما، أقلف. فابنة ملك من ملوك الروم تصلح لأن تكون له جارة وصاحبة لهذا القبر، وهكذا قبروا الاثنين في قبرين متجاورين.

وقد زعموا أن امرأ القيس كان "مئناثا لا ذكر له، وغيورا شديد الغيرة، فإذا ولدت له بنت وأدها، فلما رأى ذلك نساؤه غيبن أولادهن في أحياء العرب، وبلغه ذلك فتتبعهن حتى قتلهن"٣.


١ الشعر والشعراء "١/ ٥٣"، "الثقافة"، نزهة الجليس "٢/ ١٥٣".
٢ الشعر والشعراء "١/ ٦٣"، "الثقافة".
٣ الشعر والشعراء "١/ ٦٣"، "الثقافة".

<<  <  ج: ص:  >  >>