للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عددها على تسع للانتقام من الأعراب الذين كانوا قد تعودوا التحرش بهم، ومضايقتهم عند اجتياز البوادي، ومهاجمة قوافلهم وحدود إمبراطوريتهم، تحرضهم بابل في بعض الأحيان، أو حكومة مصر، أو يدفعهم إلى ذلك أملهم في الحصول على غنائم يتعيشون منها. وقد أزعجت هذه التحرشات الآشوريين كثيرًا وأغضبتهم، يتجلى غضبهم هذا فيما دونوه عنهم, وفي الصور التي رسموها للعرب في قصورهم، فصوروهم يقبلون أرجل ملوك "نينوى" ليرضوا عنهم، مقدمين إليهم الهدايا فيها الذهب والحجارة الكريمة وأنواع الطيب والكحل واللبان والجمال, وصوروا الآشوريين وهم يحرقون خيام الأعراب وهم نيام، وصوروا عساكرهم يقاتلون الأعراب ويطاردونهم وهم على ظهور خيولهم المطهمة, أما العرب، فإنهم على ظهور الجمال لا يستطيعون الإفلات من الآشوريين١. وترجع هذه الصور إلى أيام "آشور بانبال"، حيث عثر عليها في قصره بـ"نينوى".

وقد صور العرب ولهم لحى وقد تدلى شعر رءوسهم على أكتافهم ضفائر، وشد أحيانا بخيط, وأما الشوارب، فإنها محفوفة في الغالب. وقد صور العرب وهم يركبون الجمال عراةً في بعض الأحيان، أو تمنطقوا بمنطقة ثخينة, أو ائتزروا إزارًا يمتد من البطن إلى الركبتين٢. ولا تصور هذه الصور كل الأعراب بالضرورة, بل هي تمثل أولئك الذين تحاربوا مع الآشوريين.

لقد أقام الآشوريون لهم مسالح في أقاصي الأماكن التي بلغ نفوذهم الحربي والسياسي إليها، كما أقاموا حصونًا في مفارق الطرق المؤدية إلى البادية؛ وذلك لحماية حدودهم من غزو أبناء البادية. كما وضعوا مراقبين آشوريين، أو مندوبين سياسيين في مواطن سكن سادات القبائل؛ وذلك لمراقبة حركات القبائل وإخبار حكوماتهم بنوايا وبأعمال ساداتها, وللتأثير على أولئك السادات لحملهم على تنفيذ ما يريده ملوك آشور, وهي خطة قلدها من جاء بعد الآشوريين من أجانب. ولم يكن الآشوريون هم أول من ابتدع هذه السياسة، فلا بد وأن يكون من سبقهم قد سار على هذا الدرب، ومهد أرضه للآشوريين ولمن جاء بعد الآشوريين من حكام.


١ British Museum, Assyr. Sal. Nr. ٨٥-٨٧, Reall. I, ١٢٧, E. unger, Assyr. Und Babyl. Kunst, ١٩٢٧, Abb. ٧٧, Marucchi, Catal. Del Mus. Egiz. Batica. Nr. ٢٤
٢ Streck, VAB. VII, S. ٢١٧, Anm. II, ٤١١, ٧٧٢, Reall. I, S. ١٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>