للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العثار، وتنزَّها عَنْ تورُّطِ الْخبط والاغترار، وَقَدْ قَالَ بعض الْعلمَاء الربانيين، وَمن بَصَّره اللَّه رُشْده فِي الدُّنْيَا وَالدّين:

لقَدْ عثرتُ عَثْرَة لأُختبرْ ... سَوف أكيسُ بعْدهَا واسْتَمِرّ

وَفِي قَول اللَّه عَزَّ وَجَلّ: " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طائفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هم مبصرون ". مَا يُؤَيّد هَذَا وَيشْهد لَهُ.

جعلنَا اللَّه وإيّاكُم مِمَّنْ يُؤثر حَظه من الخليقة الْحسنى، والطريقة المثلى، عَلَى حَظِّ نَفسه من الْهوى.

بَنو أُمَيَّة وتنقُّصها لعليّ

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن خضر، عَنْ سَعِيد بْن عُثْمَان الْقُرشي، قَالَ: سَمِع عامرُ بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَير ابْنه ينالُ من عَلِيّ بْن أبي طَالِب عَلَيْه السَّلام، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! لَا تَنْتَقِصْهُ، فَإِن بَنِي أُمَيَّة تَنَقَّصَتْهُ ثَمَانِينَ عَاما فَلم يَزِدْهُ اللَّه تَعَالَى بِذَلِك إِلا رِفْعةً، إِن الدّين لَمْ يَبْنِ شَيْئا فهدَّمتْه الدُّنْيَا، وَإِن الدُّنْيَا لَمْ تَبْنِ شَيْئا إِلا رجعتْ عَلَى مَا بنتْ فهدَّمته.

التخلُّص البارع

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَزْيَد الْخُزَاعِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بْن بَكَّار، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي، قَالَ: سَمِعْتُ الْفَضْل بْن الرَّبِيع يحدث عَن أَبِيه، قَالَ: كُنَّا وقوفًا عَلَى رَأس المَنْصُور وَقَدْ طرحت للمهدي وسَادَة، إِذْ أقبل صَالِح ابْنه فَوقف بَيْنَ السماطين وَالنَّاس عَلَى مقادير أسنانهم ومواضعهم، وَقَدْ كَانَ يرشحه لبَعض أُمُوره، فَتكلم فأجاد، وَمد المَنْصُور يَده إِلَيْهِ ثُمّ قَالَ: يَا بني إليَّ واعتنقه، وَنظر فِي وُجُوه أَصْحَابه: هَلْ يذكر أحدٌ فَضله، ويصف مقامة؟ فكلهم كره ذَلِكَ، فَقَامَ شَبَّة بْن عقال بْن معية بْن نَاجِية التَّمِيمِيّ، فَقَالَ: للَّه در خطيب قَامَ عنْدك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! ماأفصح لِسَانه، وَأحسن بَيَانه، وأمضى جنانه، وأبل رِيقه وَكَيف لَا يَكُون كَذَلِك وأمير الْمُؤْمِنِين أَبوهُ وَالْمهْدِي أَخُوهُ، وهما كَمَا قَالَ زُهَيْر بْن أَبِي سلمي:

يطْلب شأو امرأين قدما حسنا ... نالا الْمُلُوك وبذا هَذِهِ السِّوقَا

هُوَ الْجواد فَإِن يلْحق بشأوهما ... على تكاليفه فَمثله لَحقا

أَو يسبقاه عَلَى مَا كَانَ من مهلٍ ... فَمثل مَا قدما من صالحٍ سبقا

قَالَ الرَّبِيع: فَأَقْبَلَ عَليّ أَبُو عُبَيْد اللَّه فَقَالَ: واللَّه مَا رَأَيْت مثل هَذَا تخلص، أرْضى أَمِير الْمُؤْمِنِين، ومدح الْغُلَام، وَسلم من الْمهْدي.

قَالَ: والتفت إِلَى المَنْصُور فَقَالَ: يَا ربيع! لَا ينصرفن التَّمِيمِيّ إِلا بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم.

<<  <   >  >>