للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمباذلة والمباهاة، وَحسن الِاقْتِدَاء بهَا عَلَيْه والمضاهاة، مَا بزتْ بِهِ مَنْ سواهَا وأبَرَّت عَلَيْه، حَتَّى أَنَّهَا كَانَتْ تتدين باعتقاد وُجُوبه، وَلُزُوم فَرْضه، وتقصب من أَعْرَاض عَنْهُ وتنبذه، وتسبه وتعيبه، وَترى الْحَمد والذم فِيهِ متوارثًا فِي أعقابها وأحسابها، ثُمّ جَاءَ الإِسْلام بتحسين هَذَا الْبَاب وَالنَّدْب إِلَيْهِ وَالتَّرْغِيب فِيهِ، وروى عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ "، فَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ أَفْعَالِ الإِسْلامِ، وَأَخْلاقِ النَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَمَا وَرَدَ فِي هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَوَائِلِ السَّلَفِ وَأَمَاثِلِ الْخَلَفِ، وَذَوِي الأَدَبِ وَالْحِكْمَةِ، وَالْبَصَائِرِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَعَنِ الشُّعَرَاءِ قَدِيمِهِمْ وَحَدِيثِهِمْ مَدْحًا وَذَمًّا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى الْمُخْتَارُ مِنْ لَطِيفِهِ وَبَدِيعِهِ، فَضْلا عَنْ أَنْ يُحَاطَ بِجَمِيعِهِ، وَقَدْ مَضَى فِي بَعْضِ مَجَالِسِ كِتَابِنَا هَذَا صَدْرٌ مِنْهُ، وَنَحْنُ نَأْتِي فِيمَا نَسْتَقْبِلُهُ مِنْهَا بِمَا يُوَفِّقُ اللَّهُ تَعَالَى بِقُوَّتِهِ ومشيئته ن.

من بركَة آل الْبَيْت

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْص بْن مُحَمَّد الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنِي حمد بْن الخصيب قبل وزارته، قَالَ: كُنْت كَاتبا للسيدة شُجَاع أمّ المتَوَكل، فَإِنِّي ذَات يوْم فِي مجلسي فِي ديواني إِذْ خرج إليّ خَادِم خَاص وَمَعَهُ كيس، فَقَالَ لي: يَا أَحْمَد! إِن السيدة أم أَمِير الْمُؤْمِنِين تقرئك السَّلام، وَتقول لَك: هَذِهِ ألف دِينَار من طيِّب مَالِي، خُذْها وادفعها إِلَى قوم مستحقين تكتبُ لي أَسْمَاءَهُم وأنسابهم ومنازلهم فَكلما جَاءَنَا من هَذِهِ النَّاحِيَة شيءٌ صَرَفْناه إِلَيْهِم، فَأخذت الْكيس وصرت إِلَى منزلي، ووجهت خلف من أَثِق بهم فعرفتهم مَا أمرت بِهِ، وسألتهم أَن يُسموا لي من يعْرفُونَ من أَهْل السّتْر وَالْحَاجة، فأسْمَوْا لي جمَاعَة، ففرقت فيهم ثلثمِائة دِينَار وَجَاء اللَّيْل وَالْمَال بَيْنَ يَدي لَا أُصِيب مُحِقًّا، وَأَنا أفكر فِي سُرَّ من رَأَى وبُعْد أقطارها وتكاثف أَهلهَا، لَيْسَ بهَا محقٌ يَأْخُذ ألف دِينَار، وبَيْنَ يَدي بعضُ حُرَمي وَمضى من اللَّيْل ساعةٌ وغُلِّقت الدُّرُوبُ وَطَاف العَسَسُ، وَأَنا مفكرٌ فِي أَمر الدَّنَانِير، إِذْ سَمِعْتُ بَاب الدَّار يدقُّ، وسَمِعْتُ البواب يكلم رَجُلا من وَرَائه، فَقلت: لبَعض مَنْ بَيْنَ يديّ: اعرف الْخَبَر، فَعَاد إليّ، فَقَالَ لي: بِالْبَابِ فُلان بْن فُلان العَلَويّ يسألُ الْإِذْن عَلَيْك، فَقلت: مُرْه بِالدُّخُولِ، وَقلت: لمن بَيْنَ يَدي من الْحُرم: كونُوا وَرَاء هَذَا السّتْر، فَمَا قَصَدَنا فِي هَذَا الْوَقْت إِلا لحَاجَة، فَدخل وَسلم وَجلسَ، وقَالَ لي: طَرَقَني فِي هَذَا الْوَقْت طَارق لرَسُول اللَّه صلّى اللَّه عَلَيْه وَآله من ابْنة لرَسُول اللَّه صلّى اللَّه عَلَيْه وَآله، وَلا واللَّه مَا عندنَا وَلا أعْدَدنا مَا يَعُدّ النّاس، وَلَم يَكُنْ فِي جواري من أَقرع إِلَيْهِ غَيْرك، فَدفعت إِلَيْهِ دِينَارا فَشكر وَانْصَرف، وخرجتْ ربَّةُ الْمنزل، فَقَالَت: يَا هَذَا تدفع إِلَيْك السيدةُ ألفَ دِينَار تدفعُها إِلَى مُحِقٍّ أحقّ من ابْن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا قَدْ شكاه إِلَيْك؟ فَقلت لَهَا: فإيش

<<  <   >  >>