للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ القَاضِي: قَدْ قَالَ جميل فِي نَحْو هَذَا:

أَلا لَيْتني أعمى أصَمُّ تَقُودُني ... بثينةُ لَا يَخْفَى عَلَيَّ كَلامُها

وَلَو كَانَ هُوَ القَاضِي

حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن أَحْمَد الدقيقي، قَالَ: حَدَّثَنَا سهل بْن عَلِيّ الدفتري، قَالَ: حَدَّثَنِي فروةُ بْن عَبْد اللَّه المَدِينيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن بشر بْن آدم، قَالَ: سَأَلَ الأغضف مَالك بْن أَنَس عَنْ مَسْأَلَة فَأَجَابَهُ، ثُمّ سألهُ فَأَجَابَهُ، وقَالَ الأغضف: لَمْ قُلْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ مَالك: يَا غُلام! خُذْ بِيَدِهِ فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى السجْن، فَلَمَّا وَلَّى بِهِ الغلامُ قَالَ لَهُ الأغضفُ: إِنِّي قَاضِي أَمِير الْمُؤْمِنِين! قَالَ: ذَاك أَهْون لَك عَليّ، قَالَ: يَا أَبَا عَبْد اللَّه لَا أَعُود، قَالَ: خَلِّ سبيلَه.

المجلِسُ الخامِس والأربعُونْ

لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت لضُرٍّ نزل بِهِ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَبُو عُثْمَانَ الْبَزَّازُ، أَخُو الزُّبَيْرِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَتَمَنَّيَنَّ أحدكُم الْمَوْت لضُرٍّ نزل بِهِ إِمَّا مسيءٌ فَيُسْتَعْتَبُ، وَإِمَّا محسنٌ فَيَزْدَادُ ".

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرّبيع بن صبيح، قَالَ: أخبرنل حَبِيبُ بْنُ فَضَالَةَ

أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ذَكَرَ الْمَوْتَ وَكَأَنَّهُ تَمَنَّاهُ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: وَكَيْفَ تَمَنَّى الْمَوْت بعض قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ لَا بَارًّا وَلا فَاجِرًا، أَمَّا بارٌ فَيَزْدَادُ، وَأَمَّا فَاجر فيستعيب "، قَالَ: وَكَيْفَ لَا أَتَمَنَّى الْمَوْتَ وَأَنَا أَخَافُ أَنْ تُدْرِكَنِي فِتْنَةُ الدَّهْمَاءِ، وَبَيْعُ الْحُكْمِ، وَتَقَاطُعُ الأَرْحَامِ، وَكَثْرَةُ الشُّرَطِ، ونشءٌ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ ".

قَالَ القَاضِي: قَدْ وَرَدَ هَذَا الْخَبَرُ بِالنَّهْيِ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ لِمَا بُيِّنَ فِيهِ مِنَ الْمَعْنَى، وَجَاءَ فِي مَعْنَاهُ عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ أَخْبَارٌ مِنْهَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْت لضلر نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ".

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أحدٌ إِلا وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ بَرٍّ وَلا فَاجِرٍ، إِنْ كَانَ بَرًّا فقد قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: " وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خيرٌ لِلأَبْرَارِ " وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمًا ".

قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا الْخَبَرُ عَنِ ابْن عَبَّاس خَارج عَلَى معنى يواطىء مَا قَالَه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا قدمنَا رِوَايَته، وَلا يُنَافِيهِ إِذا حُمل عَلَى الْوَجْه الصَّحِيح فِي الْمَعْنى.

ذَلِكَ أَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عَنْ تمني الْمَوْت عِنْد الضَّرَر ونزوله، وَوَقع الْبلَاء وحلوله، وأرشد إِلَى اسْتِقْبَال التَّوْبَة من الْإِسَاءَة والوزر، والازدياد من فعل الْخَيْر وأعمال الْبر، وَأَن

<<  <   >  >>