للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أَعْلَام النُّبُوَّة

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِم، عَنْ أبي عُبَيْدَةَ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ليثٍ: بَعَثَنِي قَوْمِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ لآتِيَهُمْ بِخَبَرِهِ، فَقَدِمْتُ فَبِتُّ فِي جَبَلِ آلِ خُوَيْلِدٍ، وَمَعِي فُلانُ ابْن فُلانٍ، فَلَمْ أَرَ كَرُعْبِهِ، فَقُلْتُ: أَبِهَذَا الْقَلْبِ تُقَاتِلُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ نَفْسِي تُخْبِرُنِي أَنَّهُ إِنْ رَآنِي قَتَلَنِي، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ لِيَ الرَّجُلُ: ائْتِنِي بِخَبَرِهِ وَلا يَعْلَمَنْ بِمَكَانِي، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَأَجِدُهُ جَالِسًا بِالأَبْطَحِ فِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَعْكَانِ بَطْنِهِ، وبلالٌ قَائِمٌ يَقْرَأُ " يس، وَالْقُرْآن الْحَكِيمِ " فَقُلْتُ لَهُ: مُرْهُ فَلْيَزِدْنَا مِنْ هَذَا الْكَلامِ الطَّيِّبِ، فَقَالَ: زِدْهُ يَا بِلالُ، فَقَرَأَ " اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ " فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الإِسْلامُ؟ قَالَ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَتَفْعَلُ مَا تُؤْمَرُ بِهِ وَتَنْهَى عَمَّا تُنْهَى عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ عِنْدِي أَمَانَةً لرجلٍ أَفَأَكْتُمُهَا أَمْ أُحَدِّثُكَ بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اكْتُمْهَا وَهُوَ فُلانُ ابْن فُلانٍ، بَاتَ مَعَكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِي جَبَلِ آلِ خُوَيْلِدٍ وَلِلظَّالِمِينَ مَصَارِعُ، اللَّهُ صَارِعُهُ فِيهَا؟ قَالَ: وَرَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ وَرَحَلْتُ مَعَهُ فَانْكَشَفَتْ هَوَازِنُ، وَوَقَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ صَرِيعًا يَرْكُضُ بِرِجْلَيْهِ، فَقَالَ: أَبْعَدَكَ اللَّهُ فَإِنَّكَ كُنْتَ تُبْغِضُ قُرَيْشًا.

قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر علمٌ من إِعْلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةِ عَلَى ثبوتُ رسَالَته، وصحةِ نُبُوّتِه، وَمَا أطلعهُ اللَّه عَلَيْه من غَيْبه، الَّذِي يُكرم من يَخُصُّهُ بِهِ، وعَلى منزلَة قُرَيْش قومِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأسرته ورهطه الأدنين وعِزّته. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ، قَالَ: " من يُرِدْ هَوَانَ قُريش أهانَهُ اللَّه " وَكَيف يُبغِضُ ذُو حجًى قَبِيلا مِنْهُم رَسُول اللَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سيد أصفيائه، وَخَاتم أنبيائه.

يستحيي من النَّهر

حَدثنَا الْحُسَيْن بت الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُف يَعْقُوب بْن إِسْحَاق القَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن صَالِح الوَحَاصِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، عَنْ صَفْوَان بْن عَمْرو، عَن شُرَيْح بْن عُبَيْد الْحَضْرَمِيّ، عَنْ كَعْب الْأَحْبَار.

أَن رَجُلا من بَنِي إِسْرَائِيل أَتَى فَاحِشَة فَدخل نَهرا يغْتَسل فِيهِ، فناداه الماءُ: يَا فُلان أَلا تَسْتَحي ألم تتب من هَذَا الذَّنب؟ فَقلت إِنَّك لَا تعود فِيهِ؟ فَخرج من المَاء فَزعًا وَهُوَ يَقُولُ: لَا أعصي اللَّهَ، فَأتى جبلا فِيهِ اثْنَا عشر رَجُلا يعْبدُونَ اللَّه فَلم يزل مَعَهم حَتَّى تَخَطَّوْا موضعهم فنزلوا يطْلبُونَ الكَلأَ، فمرُّوا عَلَى ذَلِكَ النَّهر، فَقَالَ الرَّجُل: أما أَنَا فلستُ بذاهب مَعكُمْ، قَالُوا لَهُ: لِمَ؟ قَالَ: لأنّ ثَمَّ من قَد اطَّلع مني عَلَى خطيئةٍ فَأَنا أستحيي مِنْهُ أَن يراني، فَتَرَكُوهُ ومَضَوْا، فناداهم النَّهر: يَا أَيهَا الْعُبَّاد! مَا فعل صَاحبكُم؟ قَالُوا: زَعَم لنا أَن هَاهُنَا من قَد اطلع مِنْهُ عَلَى خطيئةٍ

<<  <   >  >>