للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنظر، فَقَالَ لَهُ عبد الْملك يمازحه: يَا أَبَا الْأسود لَو علقت عَلَيْك عوذة تدفع عَنْك الْعين، فَقَالَ: إِن لَك جَوَابا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَأنْشد:

أفنى الْجَدِيد الَّذِي فارقتُ جدتهُ ... كرُّ الجديدين من آتٍ ومنطلق

لم يتركا ليَ فِي طولِ اخْتِلَافهمَا ... شَيْئا يخافُ عَلَيْهِ لذعةُ الحدق

أما وَالله لَئِن كَانَت أبلتني السنون، وأسرعتْ إِلَيّ الْمنون، لما أبلت ذَلِك إِلَّا فِي مَوْضِعه، ولرب يَوْم كنتُ فِيهِ إِلَى الآنسات الْبيض أشهى مِنْك إلَيْهِنَّ فِي يَوْمك هَذَا على عجبك بِنَفْسِك، وَإِنِّي الْيَوْم لَكمَا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:

أراهن لَا يحببن من قل مَاله ... وَلَا من رأين الشيب فِيهِ وقوسًا

وَلَقَد كنت كَمَا قَالَ أَيْضا:

يرعن إِلَى صوتي إِذا مَا سمعنه ... كَمَا ترعوي عيط إِلَى صَوت أعيسا

قَالَ لَهُ عبد الْملك: قَاتلك الله من شيخٍ مَا أعظم همتك.

شرح قَالَ القَاضِي أَبُو الْفرج: العيط: جمع عيطاء، وَهِي النَّاقة الطَّوِيلَة الْعُنُق والأعيس: فَحل أَبيض تعلوه شقرة؛ وَمن العيط قَول ذِي الرمة:

وعيطٍ كأسراب الحدوج تشوفت ... معاصيرها والعاتقات العوانس

يحرض على بيعَة الْقَاسِم بْن الرشيد

حَدثنَا أَحْمَد بْن الْعَبَّاس العسكري قَالَ حَدَّثَنَا ابْن أَبِي سعد قَالَ حَدَّثَنِي عمر بْن مُحَمَّد بْن حَمْزَة الْكُوفِي قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن سعد قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن صَالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه، وَكَانَ انْقِطَاعه إِلَى الرشيد، قَالَ: دخلتُ على الرشيد وَقد عهد إِلَى مُحَمَّد والمأمون فِي من يهنئه من ولد صَالح بْن عَليّ، فأنشأت أَقُول:

يَا أَيهَا الْملك الَّذِي ... لَو كَانَ نجمًا كَانَ سَعْدا

اعقد لقاسم بيعَة ... واقدح لَهُ فِي الْملك زندا

الله فَرد وَاحِد ... فَاجْعَلْ وُلَاة الْعَهْد فَردا

قَالَ: فاستضحك هَارُون، وَبعثت إِلَى أم جَعْفَر: كَيفَ تحبنا وَأَنت شام؟ وَبعثت إِلَى أم الْمَأْمُون: كَيفَ تحبنا وَأَنت أَخُو عبد الْملك بْن صَالح؟ وَبعثت إِلَى أم الْقَاسِم بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم، فاشتريت بهَا ضيعتي بأرتاح.

يحيى بْن أَكْثَم وقاعة فِي النَّاس

حَدثنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم الكوكبي قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن بنان الْكَاتِب قَالَ حَدَّثَنِي عَليّ بْن يحيى قَالَ: كَانَ يحيى بْن أَكْثَم وقاعة فِي النَّاس وَكَانَ شريرًا، وَكَانَ يغري الْمَأْمُون بِالنَّاسِ وَيَقَع فيهم عِنْده، وَكَانَ يثني على عَمْرو بْن مسْعدَة ويقرظه عِنْده، وَلَا يزَال يذكر

<<  <   >  >>