للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يزِيد بْن مرّة الدّباغ قَالَ حَدَّثَنَا عمر بْن حبيب قَالَ: كُنَّا عِنْد هَارُون أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَبَين يَدَيْهِ قوم تيناظرون، فَذكرُوا حَدِيثا فَقَالُوا: رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكذب أَبُو هُرَيْرَة، وَارْتَفَعت أَصْوَاتهم بتكذيب أَبِي هُرَيْرَة، فَرَأَيْت هَارُون قد نحا نحوهم وَمَال إِلَى قَوْلهم، فَقلت أَنا: صدق أَبُو هُرَيْرَة، وَأَبُو هُرَيْرَة الصَّادِق فِي رِوَايَته عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقمت فَانْصَرَفت.

فَلَمَّا دخلت منزلي وافيى بريد فأدخلته فَقَالَ: أجب أَمِير الْمُؤمنِينَ إِجَابَة مقتول لِأَنَّك لَا ترجع، فَقلت فِي نَفسِي: الله يعلم إِنِّي قُمْت بحقٍ، ونصرت صَاحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومضيت إِلَى هَارُون فَدخلت عَلَيْهِ وَهُوَ جَالس على كرْسِي من ذهب حاسرًا عَن ذِرَاعَيْهِ، بِيَدِهِ سيف، فَقَالَ: يَا عمر بْن حبيب، تقبل عَليّ بِالرَّدِّ بِمَا أَقبلت بِهِ؟! فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، الَّذِي قلته إزراء على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَّابين فَأمر الْإِسْلَام كُله بَاطِل، وَالصَّلَاة الصَّوْم وَالطَّلَاق وَالْحُدُود. قَالَ: صدقت يَا عمر بْن حبيب، أحييتني أحياك الله، أحييتني أحياك الله.

قَالَ القَاضِي: الفصيح زريت على الرجل زراية وأزريت بِهِ إزراء.

تقبل السوَاد فِي أَيَّام الْمَأْمُون فربح كثيرا

حَدثنَا عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الجهم أَبُو طَالِب الْكَاتِب، قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِم ابْن أَحْمَد الْكَاتِب، قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مدبرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم بْن مصعبٍ قَالَ: تَضَمَّنت السوَاد من الْمَأْمُون لسنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ بأربعمائة ألف كرّ شَعِيرًا مصرفًا بالفالج حَاصِلا، وَثَمَانِية آلَاف ألف درهمٍ سوى مُؤَن الْعَمَل وأرزاق الْعمَّال وَغير ذَلِك، فارتفع لي فِيهِ من الْفضل بعد الْمُؤَن والأرزاق الْجَارِيَة عشرُون ألف ألف دِرْهَم، قَالَ: فَأتيت الْمَأْمُون، فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي قد استفضلت فِي ضَمَان السوَاد عشْرين ألف ألف دِرْهَم، قَالَ: قد سررتني وَقد سوغتها، وَلَكِن اكْتُبْ إِلَى عَبد اللَّه بْن طاهرٍ فَعرفهُ أَنِّي إِنَّمَا ضمنتك السوَاد لَهُ وسوغتك هَذَا الْفضل لمكانه وَمحله مني، فَفعلت، قَالَ: فَكتب إِلَى عَبد اللَّه بْن طَاهِر: قد سرني مَا كتبت بِهِ من ربحك عشْرين ألف ألف دِرْهَم وتسويغ أَمِير الْمُؤمنِينَ إياك ذَلِك، وأمير الْمُؤمنِينَ أجل قدرا وَأعظم خطرًا من أَن يستكثر هَذَا من فعله، إِذْ كَانَ أَهلا لما هُوَ أَكثر مِنْهُ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن نقنع لَك بِهَذَا دون أَن أضيف إِلَيْهِ شَيْئا آخر من مَالِي فاقبض من غلَّة ضياعي مائَة ألف ألف دِرْهَم.

بَين بني هَاشم وَبني أُميَّة

حَدثنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَة عَن جوَيْرِية قَالَ، قَالَ عمر بْن عبد الْعَزِيز: مَا زلنا نَحن وَبَنُو عمنَا من بني هَاشم مرّة لنا وَمرَّة علينا، نلجأ إِلَيْهِم ويلجأون إِلَيْنَا حَتَّى طلعت شمس الرسَالَة فأكسدت كل

<<  <   >  >>