للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَنت أعز النَّاس، وَإِن عَاشَ كنت مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِمَام الْمُسلمين لم تخلع وَلم تحدث فِي أمره حَادِثَة تزيل إِمَامَته، ومعك ولي عهدٍ مقدم على أَخِيه وَلم تخرج من طاعةٍ، فَالنَّاس كلهم مَعَك، وقاتلناه أَشد قتال، ولعنته على المنابرن وَكَانَ ابْنه فِي يَديك وَأَنت مستظهر بِهِ وبابنه الآخر، وأولادك وحاشيتك مَعَك.

وَإِذا نظر الْأَوْلِيَاء إِلَى جودك وبخله واستنقاذك خَليفَة مَظْلُوما وقيامك بنصرته ناصحوك وبذلوا مجهودهم لَك، وَإِن خَالَفت هَذَا فَأَنت وَالله مَأْخُوذ مقتول، وَأَنت أعلم. فَقَالَ لَهُ: القَوْل مَا قلت، وَهَذَا هُوَ التَّدْبِير، وَأَنا آخذ فِي هَذَا وأعمل بِهِ، وخرجا من عِنْده. فَبلغ وصيفًا أَن مولَايَ عرض دوابه وبغاله لاستقبال النَّاصِر، وَأَنه أنفذ كتابا إِلَى أَبِي بكر ابْن أُخْته، وَكَانَ مَعَ النَّاصِر، ليعرضه على النَّاصِر ليجد لَهُ موضعا فِي استقباله، وَورد الْكتاب بِدُخُول النَّاصِر حلوان، فَجَاءَهُ وصيف فَقَالَ: مَا عزم سيدنَا الْوَزير؟ قد كَاد مَا جرى أَن يفوت، فَقَالَ: اللَّيْلَة أنظر فِي هَذَا، فَقَالَ: فَإلَى أَن تنظر أتقدم أَنا إِلَى وَاسِط لأَكُون هُنَاكَ إِلَى أَن توافي، فَقَالَ: وَيحك، الرجل قد كتب إِلَى ابْن أُخْتِي أَنه لم يبْق فِيهِ من الرّوح مَا يدْخل بَغْدَاد، فَمَا معنى الانزعاج وتنبيه الْأَوْلِيَاء على الْمُطَالبَة بالشخوص؟ فَقَالَ: وَالله إِن دخل النَّاصِر بَغْدَاد فِي تابوتٍ ليخرجن الْمَحْبُوس من غير أَمرك، ليجتمعن النَّاس كلهم لَهُ، ولينقلبن عَنْك كل من اصطنعته، فَإِن كنت لَا تطيعني فِيمَا أَشرت بِهِ فَدَعْنِي حَتَّى أكبس الحسني كَأَنِّي قد عاصيتك، وَأخذ الْمَحْبُوس معي، وَأخذ الْمَحْبُوس معي، وآخذ الْخَلِيفَة من الْمَدَائِن معي كَأَنَّهُ عَن غير أَمرك، فَإِنَّهُ يتهيأ لَك إِن وَقعت على شيءٍ يُخَالف محبتك أَن تتخلص حَتَّى تلْحق بِي أَو تستتر إِلَى أَن تَجِد الفرصة بالتخلص، فَقَالَ لَهُ: إِلَى أَن يقفل ذَاك من حلوان رُبمَا ينجلي المر، فَقَالَ لَهُ: أما أَنا فَمَا أقيم سَاعَة أخرج من عنْدك وَأَنا بواسطٍ إِلَى أَن يأتيني أَمرك إِن بَقِي لَك أَمر، وودعه وَخرج، فَخَلا بِهِ المادرائي وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِمثل هَذَا فَلم يَفْعَله، وَدخل النَّاصِر، وَكَانَت الكائنة والجلاء الَّذِي لم ير مثله.

رَأْي مُعَاوِيَة فِي مَا يستحسن من الشّعْر

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِم الْأَنْبَارِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ: أَرَاكَ تُعْجَبُ بِالشِّعْرِ، فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِيَّاكَ وَالنَّسِيبَ بِالنِّسَاءِ فَإِنَّكَ تَعُرُّ بِهِ الشَّرِيفَةَ وَتَرْمِي بِهِ الْعَفِيفَةَ وَتُقِرُّ عَلَى نَفْسِكَ بِالْفَضِيحَةِ، وَإِيَّاكَ وَالْهِجَاءَ فَإِنَّكَ تُحْنِقُ بِهِ كَرِيمًا وَتَسْتَثِيرُ بِهِ لَئِيمًا، وَإِيَّاكَ وَالْمَدْحَ فَإِنَّهُ كَسْبُ الْوَقَاحِ وَطُعْمَةُ السُّؤَالِ، وَلِكِنِ افْخَرْ بِمَفَاخِرِ قَوْمِكَ، وَقُلْ مِنَ الأَمْثَالِ مَا تُزِيِّنُ بِهِ نَفْسَكَ وَشِعْرَكَ وَتَوَدَّدُ بِهِ إِلَى غَيْرِكَ.

وَيُقَالُ الشِّعْرُ أَدْنَى مُرُوءَةِ السَّرِيِّ وَأَفْضَلُ مُرُوءَةِ الدَّنِيِّ.

<<  <   >  >>