للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَوْمٌ تَشِيبُ فِيهِ الْوِلْدَانُ، وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَتَضَعُ الطَّيْرُ مَا فِي حَوَاصِلِهَا، وَتَضْرِبُ بِأَذْنَابِهَا وَلا ذَنْبَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كُنْتَ شَهِدْتَ عَلَى حقٍ فَأَقِمْ عَلَى شَهَادَتِكَ، وَإِنْ كُنْتَ شَهِدْتَ عَلَى بَاطِلٍ فَاتَّقِ اللَّهَ تَعَالَى وَغَطِّ رَأْسَكَ، وَاخْرُجْ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَغَطَّى الرَّجُلُ رَأْسَهُ وَخَرَجَ مِنَ الْبَابِ.

فظاعة شَهَادَة الزُّور

قَالَ القَاضِي: الْأَمر فِي عَظِيم جرم شَاهد الزُّور وجسيم إثمه وفظيع مَا تحمله وقبيح مَا ارْتَكَبهُ واقتحمه واحتقبه وأقدم عَلَيْهِ، وَمَا ورد من توعد الله جلّ جَلَاله إِيَّاه فِي كِتَابه وعَلى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطول شَرحه ويتعب جمعه، وَمن بليغ مَا ورد فِيهِ هَذَا الْخَبَر الَّذِي روينَاهُ؛ وَقد روى عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: شَاهد الزُّور لَا تَزُول قدماه حَتَّى يُؤمر بِهِ إِلَى لنار. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضا أَنه قَالَ: عدلت شَهَادَة الزُّور الشّرك.

وَقَالَ الله جلّ وَعز: " فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ " الْحَج:٣٠ وَقَالَ تَعَالَى جده: " إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ " النَّحْل:١٠٥ وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَوْله جلّ ذكره: " إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " الْأَعْرَاف: ١٥٢ هِيَ وَالله لكل مفترٍ كذبا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِيمَا يَنْبَغِي أَن يعْمل بِشَاهِد الزُّور: فَذهب بَعضهم إِلَى تعزيره وتأديبه، وَرَأى آخَرُونَ إِظْهَار أمره والنداء عَلَيْهِ والتنكيل بِهِ وشهره وتحذير النَّاس مِنْهُ وَإِسْقَاط شَهَادَته إِلَى أَن يَتُوب وَتظهر تَوْبَته وتحسن إنابته أَو تَأتي عَلَيْهِ منيته، ونسال الله توفيقه وعصمته، وَأَن يجعلنا مِمَّن يُؤثر دينه على دُنْيَاهُ، ورضى ربه على هَوَاهُ، وَأَن لَا يجعلنا مِمَّن يَبِيع حَظه من ولَايَة الله تَعَالَى بشيءٍ من حطام الدُّنْيَا وَزينتهَا، وَلَا يشري صَالح مَا بَينه وَبَين ربه بمنازل الدُّنْيَا ومراتبها، إِنَّه سميع الدُّعَاء لطيف لما يَشَاء.

اضربني ضربا تقوى عَلَيْهِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دريدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِم، قَالَ ضرب رجل من خدم السُّلْطَان رجلا فأوجعه، فَقَالَ لَهُ: أصلحك الله، اضربني ضربا تقوى عَلَيْهِ فَإِن الْقصاص أمامك.

كَيفَ تمّ اسْتِخْلَاف عمر بْن عبد الْعَزِيز

حَدثنَا أَحْمَد بْن يحيى بْن الْمولى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر بْن أَبِي خَيْثَمَة قَالَ حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّاب بْن نجدة الحوطي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُبَارك الصُّورِي قَالَ حَدثنَا الْوَلِيد بْن مُسلم عَن عبد الرَّحْمَن بْن حسان الْكِنَانِي قَالَ: لما مرض سُلَيْمَان بْن عبد الْملك الْمَرَض الَّذِي توفّي فِيهِ، وَكَانَ مَرضه بدابق، وَمَعَهُ رَجَاء بْن حَيْوَة، فَقَالَ لرجاء بْن حَيْوَة: يَا رَجَاء من لهَذَا الْأَمر من بعدِي؟ أستخلف ابْني؟ قَالَ: ابْنك غَائِب، قَالَ: فالآخر؟ قَالَ: ذَاك صَغِير، قَالَ: فَمن ترى، قَالَ: أرى أَن تسْتَخْلف عمر بْن عبد الْعَزِيز. قَالَ: أَتَخَوَّف بني عبد الْملك، أَن لَا يرْضوا، قَالَ: فول عمر بْن عبدب الْعَزِيز وَمن بعده يزِيد بْن عبد الْملك، وتكتب كتابا وتختم عَلَيْهِ وَتَدْعُوهُمْ إِلَى بيعَته مَخْتُومًا عَلَيْهَا، قَالَ: لقد رَأَيْت، إيتني بقرطاس، قَالَ: فَدَعَا

<<  <   >  >>