للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من رأى حَمْدَوَيْه الزنديق النَّائِب، تائب الزَّنَادِقَة، قَالَ: فَأَخْبرنِي أَن الْخَلِيفَة رأى فِي مَنَامه كَأَن الْكَعْبَة قد مَالَتْ، وَكَأَنَّهُ أَقَامَهَا هُوَ وَآخر يعرف صورته إِذا رَآهُ فِي الْيَقَظَة، فاستوت الْكَعْبَة، قَالَ: فطلبوني فَقيل لي يَا حَمْدَوَيْه مَا نشك فِيك أَنَّك أَنْت صَاحب الْخَلِيفَة، قَالَ: فأدخلت عَلَيْهِ فَقَالَ: نعم هَذَا هُوَ، قَالَ: فَخلع عَليّ وحملني، ثُمَّ أَمر صَاحب الشرطة أَن يقبل مني كل شَيْء أقوله، وَقَالَ لَهُ: مر أَصْحَاب الأرباع والأعوان بِالطَّاعَةِ لَهُ، قَالَ: نعم، ثُمَّ قَالَ لي أنظر كل زنديق فارفعه إِلَيّ، قَالَ: وَأمر لي بسجن حَتَّى أحبس فِيهِ الزَّنَادِقَة، فَقَالَ لي ابْن مَسْرُوق الصُّوفِي: هِيَ الَّتِي يُقَال لَهَا دَار مُفْلِح قَالَ حَمْدَوَيْه: فالتقطت مِنْهُم جمَاعَة، فَمن أقرّ وَتَابَ خلاه السُّلْطَان وَمن جحد حَبسه، قَالَ، فمررت ذَات يومٍ على مَسْجِد الطَّوِيل وَهُوَ يَقُول فِي أَذَانه: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، قَالَ حَمْدَوَيْه: فَقلت زنديق وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، قَالَ: فَبعثت إِلَى صَاحب الرّبع فَركب، فَقلت: اقبض على ذَا، فرفعه إِلَى السُّلْطَان، قَالَ: وَكَانَ مقرئا قد علم ألوفا من النَّاس، قَالَ: فتسامع أهل الكرخ، قَالَ: فَاجْتمعُوا وهم ثَلَاثُونَ ألفا فَدَخَلُوا على السُّلْطَان الْأَعْظَم فَقَالُوا لَهُ: لَيْسَ حَمْدَوَيْه نَبيا وَلَا صحابياً وَلَا تابيعاً حَتَّى يصدق فِي كل شيءٍ يَقُوله، وَنحن وُجُوه الرَّعْي نحلف للسُّلْطَان بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لقد أبطل حَمْدَوَيْه، قَالَ: وابتدأ قوم فَحَلَفُوا بِالطَّلَاق وأيمان الْبيعَة أَن حَمْدَوَيْه كذب على أستاذنا، قَالَ: وَخَرجُوا وَقد وعدهم أَن يتَوَقَّف فِي قَتله ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِن خرج حَمْدَوَيْه بعذرٍ بَين قتل حَمْدَوَيْه وخلى الْمقري، قَالَ: فَخَلا بِي من بعد مَا خرج النَّاس فَقَالَ لي: يَا حَمْدَوَيْه، قد بلغك الْخَبَر وَرَأَيْت الْأمة قد اقبلت إِلَيّ وَزَعَمُوا أَنه أستاذهم وَقد حلفوا بِالطَّلَاق، وَقد أجلته ثَلَاثَة أَيَّام فَإِذا كَانَ الْيَوْم الرَّابِع فإمَّا قتلته وَإِمَّا أَقْتلك، فَقلت: قد رضيت بِاللَّه رَبًّا وبمحمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبيا وَقد رضيت بِاللَّه كَافِيا ومعينا وَأَنا أَقمت مَعَك الْكَعْبَة لاهم، قَالَ: وَخرجت فأخذني الْمُقِيم المقعد وَلَا أجد أحدا إِلَّا وَهُوَ يثني عَلَيْهِ بالصيام وَالْقِيَام وَالْأَذَان والإمامة، قَالَ: فَدخلت فِي الْيَوْم الثَّالِث إِلَى سجني، قَالَ: وَكَانَ من الزَّنَادِقَة فِي حبسي غُلَام عَاقل نظيف، قَالَ فَقَالَ لي: مَالِي أَرَاك مهتما؟ قَالَ قلت: دَعْنِي لَيْسَ هَذِه السَّاعَة من ساعاتك، قَالَ: لَعَلَّ فرجك عِنْدِي، قَالَ قلت لَهُ: وَيحك الطَّوِيل المقرى، قَالَ قل لي: وَقعت عَلَيْهِ، قَالَ قلت: وَيحك فرج عني، قَالَ فَقَالَ لي: فَفرج عني حَتَّى أفرج عَنْك، قَالَ فَقلت: وَمَا صدقت عَلَيْك فِيهِ؟ قَالَ فَقَالَ لي: وَالله مَا كذبت عَليّ وَلَا على غَيْرِي، قَالَ قلت: تب حَتَّى أخليك، قَالَ فَقَالَ لي: قد تبت، قَالَ فَقلت: فَحَدثني بحدثني بِحَدِيث هَذَا الرجل وَأَنا أخرجك معي السَّاعَة من الْحَبْس لِأَنِّي مُطَاع عِنْد السُّلْطَان، قَالَ فَقَالَ لي:

هَذَا أستاذي الْكَبِير فِي الزندقة، وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا زنديق دَاعِيَة إِلَّا من قبل هَذَا الَّذِي يُقَال لَهُ الطَّوِيل، قَالَ قلت: صدقت، وَلَكِن السُّلْطَان لَا يجعلك أَنْت حجَّة على رجل لَهُ

<<  <   >  >>