للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَوْت بِالِاسْمِ الظَّاهِر من التخويف والحض على الِاعْتِبَار والمراعاة والإذكار، وَقد قَالَ الله جلّ وَعز فِي مَوضِع آخر: " وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ " هود: ١٢٣ فَأَعَادَ على الأسم الظَّاهِر اسْما مضمرًا على أصل الْبَاب وَظَاهره؛ وَمن قَالَ لقِيت زيدا فأكرمت زيدا لم يقل لقِيت زيدا فأكرمت أَبَا عَبد اللَّه، وَهِي كنية زيد، لِأَنَّهُ مُشكل لَا دلَالَة لَهُ فِيهِ تَنْفِي اللّبْس عَنْهُ.

الْمعرفَة تَنْفَع عِنْد الْكَلْب الْعَقُور

حَدَّثَنَا يزْدَاد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزْدَادَ الْمَرْوَزِيُّ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى عِيسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِتِينَةَ قَالَ حَدَّثَنِي التَّوَّزِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيْيَنَةَ قَالَ: عَرَضَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بِالْكُوفَةِ فَوَجَدَهُمْ أَرْبَعَةَ آلافٍ، فَمَرَّ بِهِ شَابٌّ مِنَ الْجُنْدِ فَقَالَ: يَا غُلامُ زِدْ هَذَا فِي عَطَائِهِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقَامَ شَابٌّ كَانَ إِلَى جَانِبِهِ فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ هَذَا ابْنُ عَمِّي لَحًّا لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ فَضِيلَةٌ فِي نسبٍ وَلا نجدةٍ فَأَلْحِقْنِي بِهِ، قَالَ: لَا، قَالَ فَمُرْ مَنْ يُحِطُّ مِنْ عَطَائِي لِيَظُنَّ مَنْ حَضَرَ أَنَّ بِكَ عَلَيَّ مَوْجِدَةً، قَالَ: لَا، إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ وَكَانَ صَدِيقًا لِي وَإِنَّ الْمَعْرِفَةَ تَنْفَعُ عِنْدَ الْجمل الصؤول وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ فَكَيْفَ بِالرَّجُلِ ذِي الْمُرُوءَة والحسب؟

الرّبيع بن خثيم وَصديقه العابد

حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد بْن الجهم أَبُو طَالِب الْكَاتِب قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يحيى السُّوسِي قَالَ حَدَّثَنَا عَليّ بْن عَاصِم عَن أَبِي الْأَصْبَغ قَالَ: كَانَ رجل من هَمدَان فِي الْكُوفَة يذكر بعبادةٍ، فَلَزِمَ بَيته وَترك النَّاس، وَكَانَ لَا يخرج من بَيته إِلَّا لصلاةٍ مَكْتُوبَة أَو حقٍ يلْزمه لَا يجد مِنْهُ بدا، وَكَانَ صديقا للربيع بن خثيم، وَالَّذِي بَينهمَا حسن، لَا يأتيان أحدا إِلَّا أَحدهمَا لصَاحبه، قَالَ: وَكَانَ الْهَمدَانِي لَا ينَام من اللَّيْل إِلَّا قليلاًن فَنَامَ سَاعَته الَّتِي كَانَ ينَام فِيهَا، فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامه فمغثه شَدِيدا وَقَالَ لَهُ: إيت الرّبيع بن خثيم فَقل لَهُ: إِنَّك من أهل النَّار، ثُمَّ تنحى عَنْهُ فانتبه الْهَمدَانِي فتعاظمه ذَلِك وَقَالَ: الرّبيع بْن خثيم؟! قَالَ: فَلم يَأْته وَأَبْطَأ عَنْهُ، قَالَ ثُمَّ أَتَاهُ فِي اللَّيْلَة الْأُخْرَى وَهُوَ نَائِم فمغثه مغثًا شَدِيدا فَقَالَ: ألم أقل لَك أَن تَأتي الرّبيع بْن خثيم تَقول لَهُ إِنَّك من أهل النَّار؟ لَئِن لم تفعل لَأَفْعَلَنَّ بك وَلَأَفْعَلَن بك وَلَأَفْعَلَن، ثُمَّ تنحي عَنْهُ فانتبه الْهَمدَانِي وَقد تعاظمه ذَلِك، وَقَالَ: الرّبيع بْن خثيم؟! قَالَ: فَلم يَأْته وَأَبْطَأ عَن الرّبيع قَالَ: فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الثَّالِثَة أَتَاهُ فمغثه مغثًا شَدِيدا فَقَالَ: لَئِن لم تفعل لَأَفْعَلَنَّ بك وَلَأَفْعَلَن، وَتَنَحَّى عَنْهُ فانتبه الْهَمدَانِي وَقد تعاظمه ذَلِك، فَلَمَّا أصبح وَرَأى الرّبيع بْن خثيم أَنه قد أَبْطَأَ عَنْهُ أَتَاهُ فَدخل عَلَيْهِ فَسلم عَلَيْهِ فَرَآهُ متثاقلا عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أخي مَالك؟ قَالَ: خير، قَالَ: الرّبيع: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، يَا أخي، إِنَّمَا هَذَا الشَّيْطَان، فأعيذك بِاللَّه وَنَفْسِي من الشَّيْطَان، وتفل الرّبيع عَن يسَاره ثَلَاث تفلاتٍ وتعوذ بِاللَّه من

<<  <   >  >>