للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخالق الواشين فِيك تجملا ... وهم عَليّ ذَوُو ضغائن ذرب

ثمَّ اتخذتم عَليّ وليجة ... حَتَّى غضِبت وَمثل ذَلِك يغْضب

وَانْصَرف. فَلَمَّا كَانَ الْقَابِل حج أَبُو بكر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان فَمر بِالْمَدِينَةِ، فَدخل عَلَيْهِ الْأَحْوَص واستصحبه فأصحبه، فَلَمَّا خرج الْأَحْوَص قَالَ لَهُ بعض من عِنْده: تقدم بالأحوص الشَّام فتعير بِهِ، فَبعث إِلَى الْأَحْوَص فَقَالَ لَهُ: يَا خَال إِنِّي نظرت فِيمَا سَأَلتنِي من الِاسْتِصْحَاب فَكرِهت أَن أهجم بك على أَمِير الْمُؤمنِينَ بِلَا إِذن، وَلَكِنِّي أستأذنه لَك فَإِن أذن كتبت إِلَيْك بِالْمَسِيرِ إِلَيّ؛ فَقَالَ الْأَحْوَص: لَا وَالله مَا بك مَا ذكرت، وَلَكِنِّي سبعت عنْدك، ثُمَّ خرج فَأرْسل إِلَيْهِ عمر بْن عبد الْعَزِيز بصلةٍ واستوهبه عرض أَبِي بكر فوهبه لَهُ ثُمَّ قَالَ:

يَا بَيت عَاتِكَة الَّذِي أتعزل ... حذر العدى وَبِه الْفُؤَاد مُوكل

إِنِّي لأمنحك الصدود وإنني ... قسما إِلَيْك مَعَ الصدود لأميل

ثمَّ قَالَ فِيهَا يعرض بِأبي بكر بْن عبد الْعَزِيز:

ووعدتني فِي حَاجَتي فصدقتني ... ووفيت إِذْ كذبُوا الحَدِيث وبدلوا

حَتَّى إِذا رفع الحَدِيث مطامعي ... يأسًا وأخلفني الَّذين أُؤَمِّل

زايلت مَا صَنَعُوا إِلَيْك برحلةًٍ ... عجلا وعندك عَنْهُم متحول

وأراك تفعل مَا تَقول وَبَعْضهمْ ... مذق اللِّسَان يَقُول مَا لَا يفعل

فَقَالَ لَهُ عمر بْن عبد الْعَزِيز: مَا أَرَاك أعفيتني مِمَّا استعفيتك مِنْهُ.

إِنَّه أَبُو ثَابت وَابْنه أثبت مِنْهُ

حَدثنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن الربعِي قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عمر بْن عمرَان بْن إِسْمَاعِيل بْن عبد الْعَزِيز بْن أَبِي ثَابت بْن عمر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف قَالَ حَدَّثَنِي عمي عمر بْن عمرَان قَالَ: انتظرت قُرَيْش عمرَان بْن عبد الْعَزِيز يَوْم قدم الْمهْدي الْمَدِينَة فَقَالَت قُرَيْش: لَا ندخل حَتَّى يدْخل أَبُو ثَابت فَدخل أَبُو ثَابت فَتكلم، فَلَمَّا فرغ من كَلَامه قَالَ النَّاس: الْأَمِير، يعنون المهدين وَكَانَ ولي عهد، فَقَالَ عمرَان: انبي عمر يتَكَلَّم بعدِي، قَالَ: فَتكلم عمر بْن عمرَان فأبلغ قَالَ: فَخرج الْحَاجِب فَقَالَ: أَنا أشهد إِنَّه أَبُو ثَابت، وَابْنه أثبت مِنْهُ، قَالَ: فَأَنْشد الْمهْدي هَذِه القصيدة من قَول عمر:

غشيت لهندٍ بالعقيق ربوعا ... فأذريت فِي دَار الحبيب دموعا

وَلَيْسَ بهَا إِلَّا أثافٍ كَأَنَّهَا ... حمائم ظلت فِي الديار وقوعا

فيا سائلي مَا الْحبّ صادفت عَالما ... بَصيرًا بِمَا عَنْهُ سَأَلت سميعًا

<<  <   >  >>