للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا مقَام قدمي رَبَاح ... غدْوَة حَتَّى دلكت براح

يُرِيد الشَّمْس. وَقَالَ الله تَعَالَى وَهُوَ أصدق الْقَائِلين " فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا " العاديات: ٤، ٥ يُرِيد الْوَادي أَو الْموضع أَو الْمَكَان أَو الْمنزل. وَهَذَا بَاب وَاسع وَله شرح لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه وَقد أَتَيْنَا مِنْهُ هَاهُنَا بِمَا يَكْفِي مَعَه بعضه بل هُوَ جَمِيعه.

وَأما الزعيم فَإِنَّهُ الْكَفِيل، وَمِنْه قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الزعيم غَارِم. وَقَالَ جلّ ذكره: " وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ " يُوسُف: ٧٢ وَقَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ: " سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ " الْقَلَم: ٤٠ وَيُقَال: فلَان زعيم الْقَوْم أَي الْقَائِم بأمورهم المتكفل بهَا. وَمِنْه مَا جَاءَ بِهِ الْأَثر فِي ذكر أَشْرَاط السَّاعَة: وَصَارَ زعيم الْقَوْم أرذلهم. قَالَ: الشَّاعِر:

إِنِّي زعيم يَا نويقة إِن نجوت من الرواح

وسلمت من غَرَض الحتو ... ف مَعَ الغدو إِلَى الرواح

أَن تهبطين بِلَاد قو ... م يرتعون من الطلاح

وَيُقَال أَيْضا فِي الزعيم ضمين وقبيل وحميل، من القبالة والحمالة، وصبير وتبيع كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

غدوا وغدت غزلانهم وَكَأَنَّهُم ... ضوامن غرم أزهن تبيع

وَقد قيل فِي قَول الله جلّ ثَنَاؤُهُ: " أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا " الْإِسْرَاء: ٩٢ إِنَّه بِمَعْنى الْقَبِيل أَي الْكَفِيل، وَقيل بل هُوَ من الْجَمَاعَة، وَقيل هُوَ من الْمُقَابلَة والمعاينة. وَاخْتلف فِي تَأْوِيل قَوْله عز وَجل: " أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا " الْكَهْف ٥٥ وَقَوله تَعَالَى: " وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا " الْأَنْعَام: ١١١ على أَقْوَال مَعَ اخْتِلَاف الْقِرَاءَة فِي كسر الْقَاف وَفتح الْبَاء وَفِي ضمهما وَفِي الْجمع بَين الْمَوْضِعَيْنِ والتفريق بَينهمَا، وَهَذَا مشروح فِي كتبنَا الَّتِي الفناها فِي الْقرَاءَات والتأويل.

وَقَوله: " لَا يهيج على التَّقْوَى " أَي يفْسد فَيصير هشيمًا، من قَول الله عز وَجل: " ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مصفراً " الزمر: ٢١، الْحَدِيد: ٢٠.

وَقَوله: سنخ أصل، يُقَال قلع سنه من سنخها، وَقَوله فِي الْخَبَر بأغبار الْفِتْنَة يَعْنِي بقاياها، وَيُقَال بفلان غبر من الْمَرَض أَي بقايا، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

فَإِن سَأَلت عني سليمي فَقل لَهَا ... بِهِ غبر من دائه وَهُوَ صَالح

وَقَوله: حَتَّى إِذا ارتوى من آجن، الآجن: المَاء الْمُتَغَيّر لركوده وَطول وُقُوفه وَكَذَلِكَ الآسن، يُقَال: أسن المَاء يأسن ويأسن وأجن يأجن ويأجن، قَرَأَ ابْن كثير غير أسن، مَقْصُور الْهمزَة. وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى: " فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ " الْبَقَرَة: ٢٥٩ إِنَّه من السّنة أَي لم تُؤثر فِيهِ السنون فتحيله وتغيره، ووصلوا بِالْهَاءِ ووقفوا عَلَيْهَا إِذْ كَانَت فِيهِ أصلا، يَقُولُونَ: بِعته مسانهة ومساناة، فَجعل من قَرَأَ هَكَذَا الْهَاء لَام الْفِعْل

<<  <   >  >>