للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَا يشتكين ألمًا مَا أَنقينْ ... مَا دَامَ فيهنَّ سلامى أَو عين

ويروى مَا دَامَ نقي فِي سُلامى أَو عين. معنى: أرار: أذاب، ويُقال: للمخ الرَّقِيق ريرٌ، ورارٌ، لإنّه يرق عِنْد الْهُزال، قَالَ ابْن السكّيت: وَزعم القنانيُّ أنّه الرَّرير بِفَتْح الرَّاء، وأنشدَ:

والسَّاق منّي باديات الرَّير

قَالَ ويُقالُ: بارداتُ الرَّير، وَقَالَ الفرّاء: رَير ورِير وَرَارَ، وَقَالَ بعضُ اللغويين: باردات لَا غير مَكَان باديات، يُقَال فلَان بَارِد الْعِظَام إِذا كَانَ مهزولا كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

الأبيضان أبردا عِظَامِي ... القتُّ والْمَاءُ بِلَا أدامِ

وحدَّثنا أَبُو عَمْرو عَن ثَعْلَب قَالَ: فَسَأَلت ابْن الْأَعرَابِي: مَا تقولُ؟ قَالَ: العربُ تَقُولُ فلَان بَارِد الْعِظَام إِذا كَانَ مهزولا، وفلانٌ حارُّ الْعِظَام إِذا كَانَ سمينًا ممخًّا. والقتُّ حبٌّ أَبيض يشبه الجاورس يختبر ويُؤكل. وَزعم مُحَمَّد بن الْحَسَن أنَّ مَنْ وصَّى لأيامى بني فلَان فوصيته لثيبهم دون أبكارهم، وَهَذَا خطأ ظَاهر لما ذكرناهُ ووصفناه. وَاحْتج لَهُ بعض أَصْحَابه بِأَنَّهُ حمل هَذَا على عُرف النَّاس، وَلَيْسَ الْأَمر على مَا وَصفه لِأَن عرف الْخَاصَّة هُوَ مَا قدّمنا ذكره، وأمّا الْعَامَّة فَلَا تعرف هَذَا أصلا وَلَا علم لَهَا بِهِ. وَمن النقي قَول الْكُمَيْت: جزُّ ذِي الصوفِ وانتقاءٌ لذِي المخَّة وانعقْ ودعْدِعَنْ بالْبِهَامِ وَرُوِيَ أَن ممَّا أَمر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن تقصى فِي الْأَضَاحِي الْعَجْفَاء الَّتِي لَا تنقي، أَي لامخّ لَهَا. والسلامي عِظَام القوائم.

هُوَ الْفَحْل لَا يقرع أَنْفُه

وَقَول خويلد بن عبد العزَّى أبي خَدِيجَة: " إِن مُحَمَّدًا الفحلُ لَا يُقْرَعُ أَنفه " أَن الْعَرَب إِذا نزا الْفَحْل من الْإِبِل ولَيْسَ من كرائمها على نَاقَة كَرِيمَة قرعوا أَنفه طردًا لَهُ عَنْهَا ورغبة عَنْهُ بِهَا، وَإِذا كَانَ فيهم فَحل كريم لَمْ يدفعوهُ عَن الضراب فِي إبلهم وَلم يقرعُوا أَنفه. فَقَالُوا فِي الْكَرِيم النجيب من النَّاس: لَا يُقرع أَنفه، أَي يرغب فِيهِ وَلَا يرد عَن حاجةٍ لدناءته ولؤمه، فوصف أَبُو خَدِيجَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهذه الصّفة الَّتِي هُوَ أَحَق النَّاس بِهَا. وَقَول أَبي طَالب: " وَإِن كَانَ فِي المَال قلَّة " الْمَشْهُور من الرِّوَايَة: وَإِن كَانَ فِي المَال قلُّ، وَهُوَ الْقلَّة والضيق، والعربُ تَقُولُ: الحمدُ لله على الْقُلّ والكثر، أَي على قَلِيل الرزق وَكَثِيره، وَقَالَ الشَّاعِر:

قد يَقْصُرُ القلُّ الْفَتى دونَ همِّه ... وَقد كَانَ لَوْلَا القلُّ طلاَّع أَنْجُدِ

وَقَالَ لبيد:

كُلّ بني حرَّةٍ قُصَارهم ... قلٌّ وَإِن أكثرتْ من العددِ

إِن يُغْبَطُوا يُهْبَطوا وَإِن أَمِرُوا ... يَوْمًا يصيروا للقلِّ والنَّكد

ويُقال: هُوَ قلّ بن قُل، وضُل بن ضلٍ، إِذا كَانَ " لَا يعرف أَبَاهُ و " لَا يُعْرَفُ أَبوهُ.

<<  <   >  >>