للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمجْلس التاسِع وَالثَّمَانُونَ

الْمَلائِكَةُ وَعِيدُ الْفِطْرِ

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ، حَدَّثَنَا نصر بن أَحْمد بن أَزْهَر الْخطاب قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْفَضْلِ الْيَزِيدِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْبَلْخِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْحِمْصِيِّ عَنْ أَبِي تَوْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدِ الْفِطْرِ وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فِي أَفْوَاهِ الطُّرُقِ فَنَادَوْا: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اغْدُوا إِلَى ربٍّ رحيمٍ يَأْمر بِالْخَيرِ وَيثبت عَلَيْهِ الْجَزِيلَ، أَمَرَكُمْ بِصِيَامِ النَّهَارِ فصمتم وأطعمتم رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ، فَاقْبِضُوا جَوَائِزَكُمْ، فَإِذَا صلَّوا الْعِيدَ نَادَى منادٍ مِنَ السَّماء: ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ رَاشِدِينَ فَقَدْ غُفِرَ لَكُمْ ذُنُوبُكُمْ. وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْيَوْمُ فِي السَّمَاءِ يَوْمُ الْجَائِزَةِ.

قَالَ الْقَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا يُرَغِّبُ الْمُؤْمِنِينَ فِي طَاعَةِ رَبِّهِمْ وَتَأْدِيَةِ فَرْضِهِ عَلَيْهِمْ وَمَا يَرْجُونَ نَيْلَهُ مِنْ ثَوَابِهِ بِحَسَبِ مَا وَعَدَهُمْ فِي كِتَابه وعَلى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وريثُ ابْن راعي الْإِبِل حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الْحسن بن جريد قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِم عَنْ الْأَصْمَعِي قَالَ: قدم الرَّاعِي على خَالِد بن عبد الله بن بن خَالِد بن أسيد وَمَعَهُ ابنٌ لَهُ، فَمَاتَ ابْنه بِالْمَدِينَةِ، فلمّا دخل على خالدٍ سَأَلَهُ عَنْهُ فَقَالَ: مَاتَ بَعْدَمَا زَوجته وأصدقت عَنْهُ، فَأمر لَهُ بديةِ ابْنه وصداقه، فَقَالَ الرَّاعِي:

وديتَ ابنَ راعي الإِبْلِ إِذْ حانَ يومُهُ ... وشقَّ لَهُ قبرًا بأرضكَ لاحدُ

وَقد كَانَ مَاتَ الجودُ حَتَّى نشرته ... وأذكيتَ نَار الجودِ والجودُ خامدُ

فَلَا حملتْ أُنْثَى وَلَا آب آيبٌ ... وَلَا بلَّ ذُو سقمٍ إِذا مَاتَ خالِدُ

قَالَ القَاضِي: قَول الرَّاعِي " وديتَ ابْن راعي الإبلِ ": أَرَادَ أدّيت دِيَته، يُقالُ: وديت الْقَتِيل إِذا أدّيت دِيَته إِلَى أَهله، ووديت عَنْهُ من مَالك دِيَة جِنَايَته، وَقيل إنَّ هَذَا ممَّا عابى بِهِ الكسائيُّ مُحَمَّد بن الْحَسَن فَلم يعرف الفرقَ بَينهمَا.

وأمّا قَوْله " وشقَّ لَهُ قبرًا بأرضكَ لَاحَدَّ " فإنّ وَجه الْكَلَام فِي هَذَا أَن يُقال: شقّ شاقّ ولحد لاحدٌ، ويُقال: ألحدَ ملحد، وَذَلِكَ أنّ الشق مَا كَانَ من الْحفر فِي وسط الْقَبْر، واللحد مَا كَانَ فِي جَانِبه. بيَّن هَذَا قَول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللحدُ لنا والشقّ لغيرنا ". ولكنّه لَمّا كَانَ اللَّحْد شقًّا قد ميلَ بِهِ عَن الْوسط إِلَى الْجَانِب قَالَ: وشقَّ لَهُ. وأصل اللَّحْد مأخوذٌ من الْمَيْلِ، يُقالُ فِيهِ: لحد وأَلْحَدَ فِي الدَّين وَغَيره، من الْميل. وَقد قُرئ باللغتين فِي الْقُرْآن فَقَرَأَ الْجُمْهُور: " وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ " " الْأَعْرَاف: ١٨٠ ": " لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ " " النَّحْل: ١٠٣ " " وإنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ

<<  <   >  >>