للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالسَّلَام. قَالَ الْأَحْنَف: هَذَا منا أَو مِنْكُم؟ فقمتُ وَمَا أحير جَوَابا.

دفن الرشيد مُحَمَّد بن الْحَسَن وَالْكِسَائي بالريّ

حَدَّثَنِي أَبُو النَّضر الْعقيلِيّ قَالَ، أَخْبرنِي أَبُو الْحسن ابْن رَاهَوَيْه الْكَاتِب قَالَ: حُدِّثْتُ أَن مُحَمَّد بن الْحَسَن وَعلي بن حَمْزَة الْكسَائي كَانَا بِالريِّ مَعَ الرشيد، وأنَّهما مَاتَا فِي يومٍ واحدٍ بقرية من قرى الريّ يُقالُ لَهَا الرّنبويه، فجزع الرشيد عَلَيْهِمَا وَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إلبه رَاجِعُون، دفنتُ الفقهَ واللغةَ فِي يَوْم وَاحِد، وَكَانَ اليزيدي حاضراَ فَأَنْشَأَ يَقُول:

تصرَّمت الدُّنْيَا فَلَيْسَ خلودُ ... وَمَا قد يُرَى من بهجةٍ سيبيدُ

أَسِيتُ على قَاضِي الْقُضَاة محمدٍ ... فأذريتُ دمعاَ والفؤادُ عميد

وقلتُ إِذا مَا الخطبُ أشكلَ من لنا ... بإيضاحه يوماَ وَأَنت فقيد

فأوجعني موت الْكِسَائي بعده ... وكادت بِي الأرضُ الفضاءُ تَميد

هما عالِمان أوديا وتخرَّما ... وَمَا لَهما فِي العالِمين نديد

قَالَ الرشيد: أحسنتَ يَا بصريّ، قد كنت تظلمه فِي حَيَاته وأنصفته بعد مَوته.

شُرُوح لغوية

قَالَ القَاضِي: قَوْله: " أوديا معناهُ هلكا، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:

وَلم يُودِ مَنْ كنتَ تسْعَى لَهُ ... كَمَا قيلَ فِي الحربِ أَوْدَى درم

وَمعنى " ونخرما " مثله، فَهُوَ الْهَلَاك وانقطاعُ الْأَجَل وتصرم الْعُمر، كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْب الْهُذلِيّ:

سبقوا هويَّ وَأعنقوا لسبيلهم ... فتخرِّموا ولكلِّ جنب مصرعُ

ويروي: فقدتهم. وَقَالَ: " هزيّ " وَهِي فِيمَا قيل لُغَة هديل يَجْعلونَها بِمنزلة عليَّ وإليَّ، وَذكر أَنَّهَا لُغَة بعض بني سُلَيْم، وَقد قَرَأت القرأة بِهاتين اللغتين فِي الْقُرْآن. فأمَّا جُمْهُور القرأة فيقرأون بلغَة أهل الْحجاز وَعَامة الْعَرَب، وَقد رويت الْقِرَاءَة الْأُخْرَى عَن أبي طفيل عَامِر بن وَاثِلَة وَعبد الله بن إِسْحَاق الحضرميّ وَعَاصِم الجحدري وَعِيسَى بن عمر الثَّقَفِيّ، وَرفع عضهم مَا رُوِيَ عَن أبي الطُّفَيْل إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمن هَذِه اللُّغَة قَول الشَّاعِر:

فأَبْلُوني بليَّتكم لعليّ ... أصالحكم واستدرج نَوَيّا

يريدُ: نواي.

وَقَالَ آخر:

يطوِّف بِي عكبٌّ فِي معدٍّ ... ويطعنُ بالصُّملَّة فِي قفيَّا

فإنْ لَمْ تثأرا لي من معدٍّ ... فَلَا أرويتما أبدا صديَّا

أَرَادَ: قفاي وصداي. وَذكر أَن طَلْحَة قَالَ وَقد ذكر لَهُ بيعَته أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي

<<  <   >  >>