للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَلابِيُّ قَالَ، حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم الْمَطْبَخِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ عِيسَى بْنِ مُسْلِمٍ الْحَنَفِيَّ أَخَا سُلَيْمِ بْنِ عِيسَى قَارِئِ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلامُ الْوَفَاةُ كَأَنَّهُ جَزِعَ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ يُعَزِّيهِ: يَا أَخِي مَا هَذَا الْجَزَعُ؟ إِنَّكَ تَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى عليٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَهُمَا أَبَوَاكَ، وَعَلَى خَدِيجَةَ وَفَاطِمَةَ وَهُمَا أُمَّاكَ، وَعَلَى الْقَاسِمِ وَالطَّاهِرِ وَهُمَا خَالاكَ، وَعَلَى حَمْزَةَ وجعفرٍ وَهُمَا عَمَّاكَ، فَقَالَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلامُ: أَيْ أَخِي إِنِّي أَدْخُلُ فِي أمرٍ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لَمْ أَدْخُلْ فِي مِثْلِهِ، وَأَرَى خَلْقًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَ: فَبَكَى الْحُسَيْنُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ.

قَالَ القَاضِي: أشدُّ الناسِ خشيَة لله جلَّ وَعلا أعظمهم طَاعَة لَهُ وأجدُّهم فِي عِبَادَته، وهم مَلَائكَته وأصفياؤه وأنبياؤه، وَقد قَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ فِي صفة من ذكر من مَلَائكَته المقربين إنَّهم: " عبادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ. يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ " " الْأَنْبِيَاء:٢٦ - ٢٨ " وَقَالَ: " وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وجلةٌ أَنَّهُمْ إِلَى ربِّهم رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ " " الْمُؤْمِنُونَ:٦٠ - ٦١ ". اللهمَّ اجْعَلْنَا مِمّن يُخْلِصُ عبادتك، وَيُؤْثِرُ طَاعَتك، ويستشعرُ خوفك ورهبتك، وارزقنا من خشيتك مَا يحجزُ بَيْننَا وَبَين معصيتك، ويُفضي بِنَا إِلَى الْأَمْن من عذابك وأليمِ عقابك، وهبْ لنا من رجاءِ عفوك مَا يُوافقُ مرضاتَكَ، ويُؤدِّي إِلَى تَحقيق مَا نرجوهُ من مغفرتك وسعة رحمتك، وعدِّل رجاءنا وخوفنا، واعصمنا فيهمَا من الْعُلوّ والغلوّ وَالتَّقْصِير والسموّ، وَلَا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسنَا، وأعنَّا على عدوّك وعدوّنا، إنّا إِلَيْك راغبونَ وَبِك معتصمون، يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ.

من نَوَادِر مزبّد

حَدَّثَنَا عبد الله بْن مَنْصُور الْحَارِثِيّ قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ مُزَبّد يُكنى أَبَا إِسْحَاق، وَكَانَت لَهُ نَوَادِر، فَبينا هُوَ ذَات يَوْم جالسٌ إِذْ جَاءَ أَصْحَابه فَقَالُوا: يَا أَبَا إِسْحَاق هَلْ لَك فِي الْخُرُوج بِنَا إِلَى العقيق وَإِلَى قبَاء وَإِلَى أحُد ناحيةَ قبورِ الشُّهَدَاء، فإنّ هَذَا يومٌ كَمَا ترى طيّبٌ. فَقَالَ: اليومَ يومُ الْأَرْبَعَاء ولستُ أَبْرَح من منزلي. فَقَالُوا: مَا تكرهُ من يَوْم الْأَرْبَعَاء وَفِيهِ ولد يُونُس بن مَتى؟ قَالَ: بِأبي وَأمي صلى الله عَلَيْهِ فقد التقمه الْحُوت. فَقَالُوا: يومٌ نُصِرَ فِيهِ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْم الْأَحْزَاب، قَالَ: أجل، وَلَكِن بعد إِذْ زاغت الْأَبْصَار وبلغتِ الْقُلُوب الْحَنَاجِر.

<<  <   >  >>