للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمجْلس الرَّابِع وَالتسعُون

حَدِيثٌ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يُنْقِذُ صَاحِبَهُ

حَدَّثَنَا الْمُعَافَى قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ التِّرْمِذِيُّ سنة سِتّ عشرَة وثلاثمائة قَالَ، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بت إِسْحَاقَ الْجَرْمِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ عَجَبًا، إِنِّي رَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَجَاءَهُ برُّه بِوَالِدَيْهِ فردَّ عَنْهُ، وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي يسلَّط عَلَيْهِ عَذَابُ الْقَبْرِ فَجَاءَهُ وُضُوءُهُ فَاسْتَنْقَذَهُ، وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي قَدِ احْتَوَشَتْهُ الشَّيَاطِينُ فَجَاءَهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فخلَّصه مِنْ بَيْنِهِمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي قَدِ احْتَوَشَتْهُ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ فَجَاءَتْهُ صَلاتُهُ فَاسْتَنْقَذَتْهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلا يَلْهَثُ عَطَشًا كلَّما وَرَدَ حَوْضًا مُنِعَ مِنْهُ فَجَاءَهُ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَسْقَاهُ وأرواه، وَرَأَيْت رجلا والنبيّون حلقٌ كُلَّمَا جَاءَ إِلَى حَلْقَةٍ طُرِدَ فَجَاءَهُ اغْتِسَالُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأخذ بِيَدِهِ فأعده إِلَى جَانِبِي، وَرَأَيْتُ رَجُلا بَيْنَ يَدَيْهِ ظُلْمَةٌ وَخَلْفَهُ ظُلْمَةٌ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ ظُلَمٌ فَهُوَ مُتَحَيِّرٌ، فَجَاءَهُ حَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ فَاسْتَخْرَجَاهُ مِنَ الظُّلْمَةِ فَأَدْخَلاهُ فِي النُّورِ، وَرَأَيْتُ رَجُلا يُكَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ فَلا يُكَلِّمُونَهُ فَجَاءَهُ صِلَةُ الرَّحِمِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ كلِّموه فَإِنَّهُ كَانَ واصلاً لرحمه، فكلَّمه الْمُؤمنِينَ وَقَرَّبُوهُ. وَرَأَيْتُ رَجُلا يَتَّقِي وَهَجَ النَّارِ وشرَّها بِيَدِهِ عَنْ وَجْهِهِ، فَجَاءَتْهُ صَدَقَتُهُ فَصَارَتْ سِتْرًا عَلَى وَجْهِهِ وَظِلا عَلَى رَأْسِهِ، وَرَأَيْتُ رَجُلا أَخَذَتْهُ الزَّبَانِيَةُ مِنْ كلِّ مَكَانٍ فَجَاءَهُ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَاسْتَنْقَذَاهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَأَدْخَلاهُ مَعَ مَلائِكَةِ الرَّحْمَةِ فَصَارَ مَعَهُمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلا جَاثِيًا عَلى رُكْبَتَيْهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ فَجَاءَهُ حُسْنُ خُلُقِهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَرَأَيْتُ رَجُلا هَوَتْ صَحِيفَتُهُ قِبَلَ شِمَالِهِ فَجَاءَهُ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَخَذَ صَحِيفَتَهُ فَجَعَلَهَا فِي يَمِينِهِ. وَرَأَيْتُ رَجُلا قَدْ خَفَّ مِيزَانُهُ فَجَاءَتْهُ أَفْرَاطُهُ فثقَّلوا مِيزَانَهُ. وَرَأَيْتُ رَجُلا قَائِمًا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَجَاءَهُ وَجَلُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْتَنْقَذَهُ مِنَ ذَلِكَ وَمَضَى. وَرَأَيْتُ رَجُلا هَوَى فِي النَّارِ فَجَاءَتْ دُمُوعُهُ الَّتِي بَكَاهَا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا فَأَخْرَجَتْهُ مِنَ النَّارِ.

قَالَ القَاضِي: قد روينَا مَا تضمّنه هَذَا الْخَبَر من طرق شَتَّى، مُجملا ومفصلا، وَمَا ورد فِي معناهُ ونَحوه، وَفِيهِ من التَّرْغِيب فِي الْخَيْر وحُسن عاقبته، والتحذير من فعل الشرّ وَسُوء مغبّته، مَا يَدْعُو ذَوي الْأَلْبَاب إِلَى الاستكثار من الطَّاعَة ومجانبة الْمعْصِيَة. فالفاضل الرشيد والفائز السعيد من استكملَ خلال الْخَيْر وَفَارق خصالَ الشَّرّ. ومَن تعلّق بِبَعْض الْأَخْلَاق الحميدة فَلَنْ يعْدم الانتفاعَ بِهِ وإحمادَ عاقبته. والبليَّةُ الْكُبْرَى والمصيبةُ الْعُظْمَى فِي من عَرِيَ

<<  <   >  >>