للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحاملٌ جسماً من النورِ قدْ ... صُيِّرتِ النارُ لهُ روحا

إذا سقانا منحَ الكأسَ منْ ... صِفاتِهِ ما ليسَ ممنوحا

من خدِّهِ لوناً ومن ريقِهِ ... طعماً ومن نكهتِهِ ريحاً

ابن المعتز:

وندمانٍ سقيتُ الكأسَ صِرفاً ... وأُفقُ الليلِ منسدلُ السُّجوفِ

صفَتْ وصفَتْ زجاجتُها عليها ... كمعنىً دقَّ في جسمٍ لطيفِ

الصنوبري:

عُقارٌ إذا رُدّيَتْ بالزجاجِ ... تردّى الزجاجُ لها بالبَهاءِ

فيأتي الإناءُ لها حاملاً ... وتُحسَبُ حاملةً للإناءِ

تَثنّى بِحَرٍّ كحرِّ الفِراقِ ... وتبدو ببردٍ كبردِ اللقاءِ

لها حببٌ ما طفا في الإناءِ ... حسبتَ النجومَ طفَتْ في الإناءِ

فتلكَ التي ما عراها النديمُ ... فعُرِي عن لُبسِ ثوبِ البقاءِ

أبو عبادة:

طرقَتْنا تلكَ الهديةُ والصهباءُ من خيرِ ما تبرّعْتَ تُهدي

واقتصَرْنا على التي فاجأَتْنا ... وردةٌ عندما استُشِفَّتْ لِوردِ

لبسَتْ زُرقةَ الزجاجِ فجاءَتْ ... ذهباً يستنيرُ في لازَورْدِ

الموصلي:

وصافيةٍ تغشى العيونَ رقيقةٍ ... رهينةِ عامٍ في الدنانِ وعامِ

أدرْنا بها الكأسَ الرويَّة بيننا ... منَ الليلِ حتى انجابَ كلُّ ظلامِ

فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى كأنَّنا ... من العيِّ نحكي أحمدَ بن هشامِ

الناجم:

وقهوةٍ كشعاعِ الشمسِ صافيةٍ ... مثلِ السرابِ تُرى من رِقّةٍ شَبَحا

إذا تعاطيتَها لم تُدرِ من فرحٍ ... راحاً بلا قدَحٍ أعطيتَ أمْ قَدَحا

ابن أبي البغل:

وكأسٍ لُجينٍ صوَّرَ القينُ بينَها ... ثلاثَ قِيانٍ قد لبسْنَ المَجاسِدا

عرفتُ لها وزناً فلمّا ملأتُها ... منَ الراحِ كانَ الوزنُ بالراحِ واحدا

كذاكَ الهَيولى أنتَ واجدُ حِسِّهِ ... ولستَ لهُ باللمسِ بالكفِّ واجِدا

السروي:

عُنِيَتْ بالمُدامةِ الشعراءُ ... وصفوها وذاكَ عندي عَناءُ

كيفَ تحصيلُ علمِها وهيَ موتٌ ... وحياةٌ وعلّةٌ وشفاءُ

فهي في باطنِ الجوانحِ نارٌ ... وهيَ في ظاهرِ المَحاجرِ ماءُ

حلوةٌ مزّةٌ فما أحدٌ يد ... ري أداءٌ خصوصُها أمْ دواءُ

أبو تمام:

وكأنَّ بهجتَها وبهجةَ كأسِها ... نارٌ ونورٌ قُيِّدا بوِعاءِ

أو دُرّةٌ بيضاءُ بِكْرٌ أُطبقَتْ ... حبَلاً على ياقوتةٍ حمراءِ

التنوخي:

وراحٍ من الشمسِ مخلوقةٍ ... بدَتْ لكَ في قدحٍ من نهارِ

هواءٌ ولكنّهُ ساكنٌ ... وماءٌ ولكنهُ غيرُ جارِ

إذا ما تأمّلتْها وهيَ فيهِ ... تأملتَ ماءً مُحيطاً بنارِ

فهذي النهاية في الإبيضاضِ ... وهذي النهايةُ في الإحمرار

وما كانَ لي في الحُكمِ أن يُوجَدا ... لفرطِ تَنافيهِما والنِّفارِ

ولكنْ تجاورَ سَطحاهما البسيطانِ فائتَلَفا بالجِوارِ

كأنَّ المديرَ لها باليمينِ ... إذا مالَ بالسَّقيِ أو باليسارِ

تدرَّعَ ثوباً من الياسمينِ ... لهُ فرْدٌ كُمٌّ من الجُلّنارِ

[الباب الحادي عشر في]

[شعاعها وتلألئها]

أبو نواس:

أدنى سراجاً وساقي الخمرِ يمزجُها ... فصارَ في البيتِ كالمصباحِ مِصباحُ

كِدنا على علمِنا ... للشكِّ نسألُهُ أراحُنا نارُنا أم نارُنا راحُ

يُديرُها مُستعيرٌ خُلْقَ جاريةٍ ... على تَرائبِهِ والنَّحرِ أوضاحُ

يكادُ يجرحُ قلبي طرْفُ مُقلتِهِ ... بلْ كلُّ أطرافِهِ للقلبِ جَرّاحُ

فالدرُّ مَضحكُه والقوسُ حاجبُهُ ... والسهمُ عيناهُ والأشفارُ أرماحُ

الناشئ:

يا رُبّما كأسٍ تناولتُها ... تسحبُ ذيلاً من تَلاليها

كأنّها نارٌ ولكنّها ... مُنَعِّمٌ، واللهِ، صالِيها

الحسن بن رجاء:

وقهوةٍ في كأسِها ... منْ غيرِ نارٍ سُرجُ

تمزجُها قُبلةُ منْ ... يَحسُنُ منهُ الغَنَجُ

نازَعنِيها في غنِجٌ ... في مُقلتيهِ دَعَجُ

كأنَّ روحي طرَباً ... بروحِهِ تمتزجُ

بِتْنا على مُلهِيَةٍ ... كلٌّ بكلٍّ لَهِجُ

<<  <   >  >>