للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأساً إذا انحدرَتْ في حلْقِ شاربِها ... وجدْتَ حُمرتَها في العينِ والخدِّ

فالخمرُ ياقوتةٌ والكأسُ لؤلؤةٌ ... من كفِّ لؤلؤةٍ ممشوقةِ القدِّ

تسقيكَ من عينِها خمراً ومن يدِها ... خمراً فما لكَ من سُكرَيْنِ من بُدِّ

لي نَشوتانِ، وللندمانِ واحدةٌ ... شيءٌ خُصِصْتُ بهِ من بينهمْ وحدي

قال علي الأسواري: أنشدتُ المأمون هذه المقطوعة، فقال: هذا نعت الخمر، لا قول من قال:

ألا هُبِّي بسَلْحِكِ فالْطخينا

الحسن بن وهب:

وردةُ اللونِ في خُدودِ النَّدامى ... وهيَ صفراءُ في خدودِ الكؤوسِ

لطُفَتْ فاغْتدَتْ تَحُلُّ منَ ال ... أجسادِ من لُطفِها محلَّ النفوسِ

سهلةٌ في الحلوقِ لا غَوْلَ فيها ... وهيَ خَشناءُ صعبةٌ في الرؤوسِ

مسلم:

إذا شئتُما أن تسقِياني مُدامةً ... فلا تقتُلاها كلُّ ميْتٍ مُحرَّمُ

خلطْنا دماً من كرْمةٍ بدمائنا ... فأشرقَ في الألوانِ منّا الدمَ الدمُ

أخذه من قول حسان:

إنَّ التي ناولتني فرشبتُها ... قُتلتْ، قُتلَتْ، فهاتِها لمْ تُقتَلِ

كِلتاهُما حلَبُ العصيرِ فهاتِها ... بزجاجةٍ أرخاهُما للمَفْصِلِ

بزجاجةٍ رقصتْ بما في قعرِها ... رقْصَ القَلوصِ براكبٍ مستعجِلِ

وقال الأعرابي خلافَهما:

فقلتُ اقتلوها عنكمُ بمزاجِها ... وحُبَّ بها مقتولةً حين تُقتَلُ

ابن الرومي:

وصفراءَ بِكرٍ لا قذاها مُغيّبٌ ... ولا سرَّ منْ حلَّتْ حَشاهُ مُكَتَّمُ

يَنِمُّ على الأمْرينِ فرْطُ صفائِها ... وسَورتُها حتى يبوحَ المُجَمْجَمُ

هيَ الوَرسُ في بِيضِ الكؤوسِ فإنْ بدَتْ ... لعينيكَ في بيضِ الوجوهِ فعندَمُ

ابن المعتز:

ومقتولِ سُكرٍ عاشَ لمّا دعوْتُهُ ... فبادرَ مسروراً يرى غيَّهُ رُشْدا

وقامَ يُثنّيهِ بقايا خُمارِهِ ... وقدْ قطفَتْ عيناهُ من خدِّهِ وَرْدا

ابن الرومي:

أدريا سلامةُ كأسَ العُقارِ ... وضاهِ بشَدْوِكَ نَوْحَ القَماري

وخذْها مُعتّقةً مُزّةً ... تَصُبُّ على الليلِ ثوبَ النهارِ

ينازعُها الخدُّ جِريالَها ... فتُهديهِ للعينِ يومَ الخُمارِ

آخر:

مُتدلِّلٌ من وجهِهِ بدرُ الدُّجى ... مُتهلَّلٌ وغمامُهُ أزرارُهُ

سلَبَ احمرارَ الراحِ حمرةُ خدِّهِ ... فأعادَهُ للمُقلتَيْنِ خُمارُهُ

[الباب الخامس عشر في]

[شرب يوم الدجن]

ابن المعتز:

اشربْ فقد طابتِ الكؤوسُ ... وغابَ عن يومِكَ النُّحوسُ

غمامةٌ في السماءِ تبكي ... والأرضُ من تحتها عروسُ

في كلِّ يومٍ جديدُ نَوْرٍ ... عليهِ دمعُ الندى حَبيسُ

العلوي:

كيفَ يُرجى لمُقلتيَّ هُدوٌّ ... وحبيبي لجفنِ عيني عدوُّ

بأبي من نَعمتُ منهُ بيومٍ ... لم يزلْ للسرورِ فيه نُموُّ

يومُ دجنٍ قد التقى طرفاهُ ... فكأنَّ العَشيَّ فيهِ غُدوُّ

إذْ لشخصِ الرقيبِ عنّي تناءٍ ... ولبدرِ السماءِ مني دُنوُّ

الصنوبري:

اليومُ يا هاشميُّ يومٌ ... لِباسُهُ الطلُّ والسحابُ

ما لوّنَ الزعفرانُ ما قدْ ... لوّنَ من مائهِ الترابُ

تذهبُ أمواجهُ كخيلٍ ... شُقرٍ، لها وسطَها عِرابُ

فباكر الشربَ قبلَ فَوتٍ ... قد برد الشربُ والشرابُ

وهاتِ نستنطقِ الملاهي ... من قبلِ أن ينطقَ الغُرابُ

ما للهُدى بينَنا مكانٌ ... ما امكنَ الكُوبُ والكتابُ

مَجلِسُنا في السماءِ مُوفٍ ... بنا كما أوفَتِ العُقابُ

وراحُنا هذهِ عجوزٌ ... لكنَّ ريحانَنا شبابُ

يديرها شادِنٌ مَصوغٌ ... من رحمةٍ وسطَها عذابُ

لي إلفُ بابٍ إلى هواهُ ... وليسَ للصبرِ عنهُ بابُ

كان عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يشرب في متنزّه وعنده ماني المُوَسْوَس فقال عبيد الله:

أرى غيماً تُؤلِّفُهُ جَنوبٌ ... بلا شكٍّ سيأتينا بهَطْلِ

فحزْمُ الرأيِ أن تدعو برِطْلٍ ... فتشربُهُ وتأمرُ لي برطلِ

فقال ماني: ما هكذا قال الشاعر، إنما هو:

<<  <   >  >>