للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا إنَّما ليلى عصا خيزرانةٍ ... إذا غَمزوها بالأكفِّ تَلينُ

فقال بشار: لو كان قال: عصاً من زُبْدٍ لكان جافياً من بعد ذكر العصا. هلاّ قال كما قلت:

وحوراءِ المدامعِ من معدٍّ ... كأنَّ حديثها ثمرُ الجنانِ

إذا قامتْ لسُبحتها تثنَّتْ ... كأنَّ عظامَها من خيزُرانِ

ابن الدمينة:

ذكرتكِ والنَّجمُ اليَمانيّ كأنَّه ... وقد عارضَ الشِّعْرى قريعُ هِجانِ

فقلتُ لأصحابي ولاحتْ غمامةٌ ... بنجدٍ ألا للهِ ما تريانِ

فقالوا نرَى برقاً تقطَّعَ دونَهُ ... من الطَّرفِ أبصارٌ إليه رَواني

فكمْ شامَ ذاكَ البرقَ من متردِّدٍ ... حبيبٍ وجفنا عينيهِ هملانِ

[الباب الثالث]

الغيم والرَّعد والمطر

العلوي الحمَّاني:

باتتْ سَواريها تمخَّ ... ضُ في رواعِدها القواصفْ

فكأنَّ لمعَ بُروقها ... في الجوِّ أسيافُ المثاقفْ

ثمَّ انبرتْ سُحباً كبا ... كيةٍ بأربعةٍ ذوارفْ

التنوخي في الرعد:

ورعدةٍ كقارئٍ مُتعتعٍ ... أوْ خاطبٍ لجلجَ لمَّا أن خطبْ

كأسدٍ يزأرُ أوْ جنادلٍ ... تصطكُّ أوْ أمواجِ بحرٍ تصطخبْ

ابن هرمة، في تشبيهه، وأحسن:

ألمْ تأرقْ لضوءِ البرْ ... قِ في أسحمَ مّاحِ

كأعناقِ نساء الهن ... دِ قد شيبتْ بأوضاحِ

الحسين بن مطير الأسدي:

مُستضحكٌ بلوامعٍ مستعبرٌ ... بمدامع لم تمرِها الأقذاءُ

فله بلا حُزن ولا بمسرَّةٍ ... ضحكٌ يؤلفُ بينهُ وبكاءُ

غرٌّ محجَّلةٌ دوالحُ ضُمِّنتْ ... حملَ اللّقاحِ وكلُّها عذراءُ

سحمٌ فهنَّ إذا كظمنَ فواحمٌ ... وإذا ابتسمنَ فإنَّهنَّ وِضاءُ

آخر:

ومصابُ غادية تسحُّ ... ذوارفَ الدمعِ الهَمولِ

وتقاطرتْ منشورةً ... أشباهَ أعرافِ الخيولِ

ابن المعتز:

نثرتْ أوائلها حَياً فكأنَّه ... نقطٌ على عجلٍ ببطنِ كتابِ

أوس بن حجر:

يا هلْ ترَى البرقَ لمَّا شبَّ أرَّقني ... في عارضٍ مستطيرِ المزنِ لمَّاحِ

تهدي الجنوبُ بأولاه وناءَ بهِ ... أعجازُ مزن بسحّ الماءِ دلاّحِ

كأنَّ ريِّقَه لمَّا علا شطِباً ... أقرابُ أبلقَ ينفي الخيلَ رمَّاحِ

دانٍ مسفٌّ فويق الأرض هيدَبُه ... يكادُ يدفعهُ من قامَ بالرَّاحِ

ينفي الحصى عن جديدِ الأرض مبتركاً ... كأنَّه فاحصٌ أو لاعبٌ داحِ

كأنَّما فيه لمَّا الرعدُ فجَّرهُ ... دهمٌ مطافيلُ قد همَّت بإرشاحِ

فمنْ بنجوتهِ كمنْ بعقوته ... والمستكنُّ كمنْ يمشي بقرْواحِ

والسحاب إذا ألَّفته الصَّبا وألقحته الجنوب، ومرَته الشمال، فالمطر سحٌّ طبق. ولهذا قال الهذلي عبد بني الحسحاس:

مَرَته الصَّبا وزَهَتْه الجنو ... بُ وانْتَجفتهُ الشَّمال انْتِجافا

وهذا على طبع البقاع. ألا ترى أن أبا كبير جعل الشمال قاشعة السحاب فقال:

فتركتهمْ جَزَراً كأنَّْ سحابةً ... صابتْ عليهم وَدْقُها لم يُشملِ

وجعلها النابغة مستدرة مستديمة فقل:

أوْ مثلُ أُسود الطلِّ ألْثَقها ... يومُ رذاذٍ منَ الجوزاءِ مشمولُ

وبه اقتدى البحتري فقال:

قلْ للسَّحابِ إذا ما حدتْهُ الشَّمألُ ... وسرى بليلٍ ركبُهُ المتحمِّلُ

وأغزر السحاب ما نشأ عن يمين القبلة. ويقولون: إنها لا تسودُّ إلاَّ من ريِّها.

أخبرني أبو سعيد عن أبي بكر بن دريد قال: كان معقِّر بنُ حمار البارقي في الصحراء، فسمع راعدةً فقال لابنته: ما ترين؟ فقالت: أراها حمَّاء عقاقةً كأنها حولاء ناقة. ثمَّ سمع أخرى فقال: ما ترين؟ فقالت: أراها كأنها لحمٌ ثنتٌ منه مسيكٌ ومنهرتٌ. فقال: وائلي بي إلى قفلةٍ فإنها لا تنبتُ إلاَّ بمنجاةٍ من السيل.

البحتري:

ذاتُ ارتجازٍ بحنينِ الرعدِ ... مجرورةُ الذيلِ صدوقُ الوعدِ

مسفوحةُ الدمعِ بغير وجد ... لها نسيمٌ كنسيمِ الوردِ

ورنَّةٌ مثلُ زئيرِ الأُسدِ ... ولمعُ برقٍ كسيوفِ الهندِ

جاءتْ بها ريحُ الصَّبا من بعدِ ... فانتثرتْ مثلَ انتثارِ العقدِ

فراحتِ الأرضُ بعيشٍ رغدِ ... مِن وشيِ أنوار الرُّبا في بُردِ

<<  <   >  >>