للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يقرئ أصحابه على مثل ذلك ويعلمه لهم، كما أن بعض الأئمة جعل تعلم الوقف واجبًا؛ لما ثبت أن الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لما سئل عن معنى الترتيل في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} ١ فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف٢.

والواقع أن معرفة الوقوف من أهم متطلبات التجويد في القراءة، ومما يدل على ذلك ما أخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لقد عشنا بُرْهَةً من الدهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة فيتعلم حلالها وحرامها وأوامرها وزواجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها، ولقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما أمره وما زاجره وما ينبغي أن يقف عند يَنْثُرُه نَثْرَ الدَّقَل٣.

فقد شبه -رضي الله عنه- عدم عنايتهم بالقراءة -حيث يرسلونها مملوءة بالأخطاء وعدم تمام الوقوف- بنثر التمر الرديء اليابس٤.

ومما تقدم يتضح لنا أن الوقف والابتداء كان محل عناية رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- والصحابة -رضوان الله عليهم- لما يترتب عليه من إيضاح المعاني القرآنية للمستمع. وذلك لا يتأتى إلا إذا كان قارئ القرآن على دراية واسعة ومعرفة تامة بالوقوف.

وقد أدرك المتقدمون ما للوقف والابتداء من أهمية كبرى حتى إنهم أفردوه بالتآليف.


١ سورة المزمل: ٤.
٢ انظر: "النشر في القراءات العشر" ص٣١٦، و"نهاية القول المفيد في علم التجويد" ص٧.
٣ ذكره صاحب كتاب "قواعد التجويد" ص٧٥، كما ذكره الإمام ابن الجزري في "النشر" باختلاف يسير "ج: ١، ص٣١٦" تحقيق: محمد سالم محيسن.
٤ قال ابن الجزري في النشر: ففي كلام علي -رضي الله عنه- دليل على وجوب تعلمه ومعرفته، وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلُّمَه إجماع من الصحابة -رضي الله عنهم. انظر: النشر "ج: ١، ص٣١٦".

<<  <   >  >>