للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العرض العام للمقطع الثاني]

عرض المقطع الثاني في فقرتين رئيسيتين تتعلق الأولى منهما بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لصبر نفسه مع الفئة المؤمنة من فقراء المسلمين وضعفائهم ونبذ

ما طلبه زعماء قريش من إبعادهم، كما وضح سبب النزول ذلك١ ثم جاءت الفقرة الثانية بمثابة التقرير والتأكيد لما تضمنته الفقرة الأولى عن طريق ضرب المثل٢ لتوضح الحقائق وإبرازها.

وما ورد في هذه الفقرة الأولى من الفتن التي يتعرض لها أهل الدعوات خلال مسيرتهم في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

إن من سنن الله في المجتمعات أن يستجيب لكل دعوة جديدة أقل الناس تعلقًا بالحياة الدنيا وأثقالها وأوثاقها، وأن يستجيب لها أقل الناس وجاهة ومكانة في القوم.

وأن يكون من جندها أول الأمر أهل الحماسة والنخوة الذين لم تفسد فطرهم.

نستطيع أن نقول إن هذا الأمر عام مشترك بين أتباع الدعوات جميعًا فإذا كانت الدعوة ربانية مقنعة للعقل ملائمة للفطرة الإنسانية ملبية لحاجات البشر المادية والروحية، تمكنت في القلب وارتفعت بالأتباع وازدادوا لها محبة وفي سبيلها تضحية وبذلًا، وجاهدوا في سبيلها بكل شيء.

أما إذا كانت الدعوة أرضية بشرية تهدف لتحقيق مصالح معينة فسرعان ما يحيط بها فئة أو طبقة من الناس فيستغلونها لتحقيق مآربهم وينكشف الأمر للرعيل الذي استجاب لها أول وهلة فمنهم من يستمر معها لأنها حققت له مصلحة، ومنهم من يتركها ويعاديها لأنه كان ضحية شعاراتها، وبريق أضوائها، فلا بد من وجود الصراع بين أتباع هذه الدعوة إلى أن يفني طرف منهما الآخر، وقد كانوا من الرعيل الأول الذي تبنى الدعوة وحمل لواءها.

هذه سنة الله في الدعوات واتباعها -حسب فهمنا.

ودعوة رسول الله صلى الله لعيه وسلم استجاب لها أول من استجاب الشباب والفقراء والنساء


١ انظر مبحث أسباب النزول: ١٧٢ من الكتاب.
٢ المقصود بضرب المثل، سوق القصة الواقعية المشابهة لحال القوم وليس المراد بضرب المثل، ضرب شيء متخيل للتقريب.

<<  <   >  >>