للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: ظاهرة الوحي]

لم يكن محمد بدعا من المرسلين ولا كان أول نبي خاطب الناس باسم الوحي، وحدثهم بحديث السماء، فمن لدن نوح تتابع أفراد مصطفون أخيار ينطقون عن الله ولا ينطقون عن الهوى، ولم يكن الوحي الذي أيدهم به الله مخالفا الوحي الذي أيد به محمدًا، بل كانت ظاهرة الوحي متماثلة عند الجميع، لأن مصدرها واحد، وغايتها واحدة١، كما قال الله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا، وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ٢. وواضح أن الأنبياء الذين صرحت الآية بأسمائهم إنما خصوا لأنهم كانوا أشهر أنبياء بني إسرائيل, وكانت أخبارهم مشهورة بين أهل الكتاب المجاورين لرسول الله عليه الصلاة والسلام في الحجاز وما حوله٣.

لذلك حرص القرآن على تسمية ما نزل على قلب محمد وحيا، ليشابه مدلول الوحي بين جميع النبيين تشابه اللفظ الدال عليه، فقال:


١ تفسير الطبري ٦/ ٢٠.
٢ النساء ٦٣، ١٦٤.
٣ الوحي المحمدي ٣١.

<<  <   >  >>