للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السادس: علم الناسح والمنسوخ]

...

الفصل السادس: علم الناسخ والمنسوخ

في فصل "تنجيم القرآن وأسراره" رأينا أن الوحي لم يفاجئ المؤمنين بالتشريع، بل نزل نجوما على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، يتدرج مع الأحداث والوقائع, وأن هذا التدرج تناول العادات الشعورية والتقاليد الاجتماعية التي آثر الإسلام أن يقف منها موقف المتمهل المتريث مؤمنا بأن البطء مع التنظيم خير من العجلة مع الفوضى.

ولدى تقصينا المراحل المتعاقبة في مكي القرآن ومدنيه, كانت حاجتنا ماسة إلى علم قرآني يلقي الضوء ساطعا على هذه الخطوات، ويعين على تتبعها ورسمها بدقة بالغة: وهو علم الناسخ والمنسوخ الذي يمكننا أن نعده ضربا من ضروب التدرج في نزول الوحي، فمعرفتنا بما صح من وجوهه تيسر علينا تعيين السابق والمسبوق من النوازل القرآنية، وتظهرنا على جانب من حكمة الله في تربية الخلق، وتقفنا على مصدر القرآن الحقيقي: وهو الله رب العالمين، لأنه يمحو ما يشاء ويثبت، ويرفع حكما ويبدل آخر، من غير أن يكون لأحد من خلقه عمل في ذلك ولا شأن، حتى ولا خاتم النبيين نفسه.

ولقد طال جدل العلماء في تعريف النسخ اصطلاحا، لما توحي به هذه اللفظة من اشتراك لغوي في معانيها، فالنسخ يأتي بمعنى الإزالة، ومنه قوله

<<  <   >  >>