للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثامن: علم المحكم والمتشابه]

نستطيع أن نقول: إن القرآن كله محكم، إن أردنات بإحكامه إتقانه وجمال نظمه بحيث لا يتطرق إليه الضعف في ألفاظه ومعانيه، وبهذ المعنى أنزل الله قوله الكريم: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} ١، كما نستطيع أن نقول: إن القرآن كله متشابه، إن أردنا بتشابهه تماثل آياته في البلاغة والإعجاز، وصعوبة المفاضلة بين أجزائه، وبهذا المعنى أنزل الله قوله الحكيم: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} ٢ فالإحكام والتشابه في كل من الآيتين السابقتين ليسا مثار بحثنا عن محكم القرآن ومتشابهه، إنما يثير بحثنا هنا الآية السابعة في سورة آل عمران، إذ يقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} ٣.

من الواضح في هذه الآية أن المحكم يقابل المتشابه، كما أن الراسخين في العلم يقابلون الذين في قلوبهم زيغ، وقد حمل هذا التقابل العلماء على


١ سورة هود ١.
٢ سورة الزمر ٢٣.
٣ سورة آل عمران ٧.

<<  <   >  >>