للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله بن زياد "ت٦٧" والحجاج بن يوسف الثقفي "ت٩٥" فأما ابن زياد فينسب إليه أنه أمر رجلا فارسي الأصل بإضافة الألف إلى ألفي كلمة حذفت منها، فكان هذا الكتاب ينسخ "قالت" بدلا من "قلت" وكانت" بدلا من "كنت"١، وأما الحجاج فيقال: إنه أصلح الرسم القرآن في أحد عشر موضعا، فكانت -بعد إصلاحه- أوضح قراءة وأيسر على الفهم٢.

وإلى مثل هذه التحسينات الإملائية كان يشير عثمان بقوله إن صح: "أجد فيه ملاحن ستصلحها العرب"٣، فالملاحن والتصحيفات -في هذا المقام- كلها من هذا القبيل، إنما تتعلق بطريقة الرسم التي لا بد أن ينالها التغيير على اختلاف البيئات والعصور، أما النص القرآني نفسه فلا يتغير فيه شيء لأنه مجموع من صدور العلماء، يأخذه بعضهم عن بعض بالتلقي والمشافهة وطرق التواتر اليقيني.

وتحسين الرسم القرآني لم يتم دفعة واحدة، بل ظل يتدرج في التحسن جيلا فجيلا حتى بلغ ذروة الجمال في نهاية القرن الثالث الهجري, ولا يعقل أن يكون أبو الأسود الدؤلي هو وحده واضع أصول نقط القرآن وشكله. وقد اختلف العلماء قديما في أول من نقط القرآن٤، وترددت في هذا الموضوع أسماء رجال ثلاثة٥: أبو الأسود الدؤلي -وهو الأشهر- ويحيى بن


١ ابن أبي داود، كتاب المصاحف ١١٧ وانظر أيضا:
Geschichte des Qorantexsts, ٢٥٥
٢ ابن أبي داود، كتاب المصاحف ١١٧، وفي هذه الصفحة تذكر المواضع الأحد عشر.
٣ ابن أبي داود، كتاب المصاحف، ص٣٢.
٤ حتى لم يستبعد أبو عمرو الداني أن يكون الصحابة هم الذين ابتدءوا بالنقط ورسم الخموس والشعور: "المحكم٢".
٥ ويرى السيوطي في الإتقان ٢/ ٢٩٠ أنهم أربعة، بإضافة اسم الحسن البصري إليهم، مع أن الحسن لم يعرف له نشط إيجابي في نقط المصحف، غير أنه كان لا يرى كراهة النقط ولا يتشدد فيه كعلماء الصدر الأول، فقد "أخرج ابن أبي داود عن الحسن وابن سيرين أنهما قالا: لا بأس بنقط المصاحف" الإتقان ٢/ ٢٩٠ فلعل تساهل الحسن في النقط وعدم كراهته له أن يكونا عمدة الباحث في ذكر الحسن بين أوائل الذين نقطوا المصاحف.

<<  <   >  >>