للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما علاهُنَّ شُؤْبوبُهُ ... ولفَّ نفِيُّ غبارٍ غبارا

فأحْذاهُ مثلَ قُدامى الجِناحِ ... خَضْخَضَ قُصْباً وأفرى سِتارا

فتزداد حَمْياً شآبيبُهُ ... وتزداد أوضاحُهنَّ احمِرارا

فألغى مَهاتَيْنِ في شأوِهِ ... وألغى الظَّليمَ وألغى الحِمارا

وخَطّارةٍ مثلِ خطْرِ الفنِي ... قِ تقطعُ منهُ الحِطاطُ السِّفارا

هَوِيَّ مُصَلَّمةٍ صَعْلةٍ ... تأوَّبُ بالسِّيِّ زُغباً صغارا

رماها المساءُ فما تبتلي ... بأرْمِيَةٍ ينهمِرْنَ انهمارا

يبادرْنَ رَيِّقَ ذي كِرْفئٍ ... يَقُدُّ الرُّبا ويشقُّ البحارا

خَشوفِ الظلامِ إذا أظلمَتْ ... فأما النهارَ فتَخْدي النهارا

رميتُ بها الليلَ حتى انحنتْ ... كأنَّ بها وهْيَ رهْبٌ هِجارا

تُبادرُهُ أمَّ أُدْحِيّها ... فتَبْدِرُهُ وتفوتُ الغبارا

فشبَّهتُ تلكَ صُهابيّةٌ ... منَ العيسِ تهدي قِلاصاً مِهارا

إذا يدُها وافدَتْ رِجلَها ... بأغبرَ يزدادُ إلاّ اغبرارا

تَواهَق أربَعُها واغتلى ... مُقدَّمُها وابتذلْنَ المَحارا

إلى حكَمٍ وهوَ أهلُ الثناءِ ... وحُسنِ الثناءِ تولّى القِفارا

أُنيختْ بهِ ولقدْ هُلّلتْ ... ومُقْوَرَّةً كِليتاها اقوِرارا

كأنَّ العُفاةَ على بابِهِ ... عفاةُ المُحَصَّبِ ترمي الجِمارا

وقال أبو حيّة يمدح الوليد بن يزيد بن القعقاع بن خُليد بن جَزء بن الحارث بن زهير، وهو أول من حبا أبا حيّة، وأجازه في أيام هشام بن عبد الملك:

يا بنَ الأكارمِ يا وليدُ ألستُمُ ... أهلَ الغِنى قِدْماً وطِيبَ العُنصرِ

إنّي أتيتُكَ من شَراءَ وبِيشةٍ ... ومنَ العقيقِ ومن جنوبِ مُحَجَّرِ

تغلو بيَ القَفراتِ ذاتُ عُلالةٍ ... بعدَ الكلالِ وبعدَ خلْقٍ دَوسرِ

جادَ الربيعُ لها بفَيدٍ وأُرسلتْ ... في عازبٍ غَرِدِ الذبابِ مُنوِّرِ

بدأتْ وإنَّ أثارةً ملمومةً ... لعلى مَحالتِها كخِدرِ المُعْصِرِ

حتى إذا طرحَتْ نَسيلاً جافلاً ... عنها وقدْ جزأَتْ ثلاثةَ أشهرِ

راحتْ تَقَلْقَلُ من زَرُودَ فأصبحتْ ... بالبطنِ ذا قِنَةٍ خَفوقَ المِشْفرِ

كلّفتُها رَحلي إليكَ وإنّما ... ترجو نوافلَ سَيبِكَ المُتحضِّرِ

مرّتْ على قصرِ المقاتلِ بعدَما ... كربَتْ ظَهيرتُها ولمّا تُظهِرِ

فتزاوَرَتْ منهُ كأنَّ بدَفِّها ... هِرّاً يُشَبِّثُ ضَبعَها بالأظفُرِ

وأتتْ على البَردانِ وهْيَ مُدِلّةٌ ... عَجْلى اليدَيْنِ متى أزَعْها تَخْطِرِ

حتى أتتْكَ وقدْ رمتْ بحَنينِها ... ومشتْ على بخْصِ اليدَينِ الأحمرِ

آلتْ إذا ما حُلَّ عنها رَحلُها ... جُعلتْ تُضيفُ منَ الغرابِ الأعورِ

إنَّ الوليدَ جرى المئينَ مُبَرِّزاً ... وصفَتْ يداهُ بنائلٍ لمْ يَنزُرِ

وأشارتِ الأيدي إليهِ بحِلمِهِ ... والحزمِ حينَ أطاقَ حملَ المئزرِ

حتى إذا لبسَ العِطافَ تفرّجَتْ ... حلَقُ المجالسِ عنْ أغرَّ مُشهَّرِ

أعطى الجزيلَ وسادَ حينَ مضتْ ... سبعٌ وبعضُ لِداتِهِ لم يَثغَرِ

وغدا وراحَ إلى الأمورِ بحَزمِهِ ... وبأمرِ مُطَّلِع الحِمالة مِجْشَرِ

[عمر بن لجأ]

وقال عمر بن الأشعث بن لجأ بن حذيفة بن مَصاد بن ربيعة بن جُلهِم بن امرئ القيس بن ذهل بن تيم بن عبد مناة بن مر بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار يردّ على جرير لمّا هجاه:

نُبّئتُ كلبَ كُليبٍ قد عوى جزعاً ... وكلُّ عاوٍ بفيهِ التُّرْبُ والحجَرُ

أعيا فعقّبَ يهجوني بهِ ضجراً ... ولنْ يغيّرَ عنهُ السَّوْأَةَ الضجَرُ

يلومُني ظالماً في سُنّةٍ سبقَتْ ... إنَّ الكُليبيَّ لم يُكتبْ لهُ ظفَرُ

وما خلقتُكَ عبداً لا نِصابَ لهُ ... بلْ هوَ خليقُ الذي يقضي ويأتمِرُ

كلّفتَني مالكاً إنْ مالكٌ زخرَتْ ... يا بنَ المراغةِ قد جاءتْ بكَ النُّصَرُ

وإنْ تجرَّدَ أمثالٌ خدعْتَ بها ... منَ الفرزدقِ يمضي ما مضى السفَرُ

<<  <   >  >>