للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجفلنَ من غيرِ ائتمارٍ وكلُّها ... له من عبابِ الشَّدِّ حرزٌ ومعقلُ

يؤمِّلُ شرباً من ثميلٍ وماسلٍ ... وما الموتُ إلاَّ حيثُ أرَّكَ ماسلُ

عليهِ أُبيرٌ راصداً ما يروقهُ ... من الرَّميِ إلاَّ الجيِّدُ المتنخَّلُ

ولاقينَ جبّارَ بن حمزةَ بعدما ... أطابَ بشكٍّ أيَّ أمريهِ أفعلُ

يقلِّبُ أشباهاً كأنَّ نصالها ... خوافي حمامٍ ضمَّها الصَّيفَ منزلُ

وصفراءَ من نبعٍ رنينٌ خُواتها ... تجودُ بأيدي النّازعينَ وتبخلُ

وباتَ يرى الأرضَ الفضاءَ كأنَّها ... مراقبُ يخشى هولها المتنزِّلُ

يؤامرُ نفسيهِ أعين غُمازةٍ ... يغلِّسُ أم حيثُ النِّباجُ وثيتلُ

فلمّا ارجحنَّ اللَّيلُ عنهُ رمى بها ... نجادَ الفلا يعلو مراراً ويسفلُ

فغامرَ طحلاءَ الشَّرائعِ حولهُ ... بأرجائها غابٌ ألفُّ وثيِّلُ

فغمَّرها مستوفزاً ثمَّ حاذها ... يشجُّ الصُّوى من قربها الشَّدُّ من علُ

وأضحتْ بأجوازِ الفلاةِ كأنَّها ... وقد راخت الشَّدَّ الحنيُّ المعطَّلُ

ألا هذه أمُّ الصَّبيَّينِ إذ رأتْ ... شحوباً بضاحي الجسمِ منِّي تهزَّلُ

تقولُ بما قد كانَ أفرعَ ناعماً ... تغيَّرَ واستولى عليهِ التَّبدُّلُ

فإنْ تسألي عنِّي صحابي تُنبَّئي ... إذا ما انفرى سرباليَ المترعبلِ

تنبَّيْ بأنّي ماجدٌ ذو حفيظةٍ ... أخو القومِ جوّابُ الفلاةِ شمردلُ

تريني غداةَ البذلِ أهتزُّ للنَّدى ... كما جرَّدَ السَّيفَ اليمانيَّ صيقلُ

فلا يهنئنَّ الشّامتينَ اغتباطهمْ ... إذا غالَ أجلادي ترابٌ وجندلُ

وإضتُ هميداً تحتَ رمسٍ بربوةٍ ... تعاورني ريحٌ جنوبٌ وشمألُ

تمنَّى ليَ الموتَ الذي لستُ سابقاً ... معاشرُ من ريبِ الحوادثِ جهَّلُ

معاشرُ أضحى ودُّهمْ متبايناً ... وشرُّهمُ بادٍ يدَ الدَّهرِ مقبلُ

أقرَّ وقاعي أنفساً ليسَ بينها ... وبينَ حياضِ الموتِ للشّربِ منهلُ

كما راعَ ممسى اللَّيلِ أو مستوى الضُّحى ... عصافيرُ حجرانِ الجُنينةِ أجدلُ

خداشُ بن زهير

وقال خداشُ بن زهير بن ربيعة بن عامر فارس الضّحياء بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وخداش هو ذو الشّامة:

عفا واسطٌ أكلاؤهُ فمحاضرهُ ... إلى جنبِ نهيَ سيلهُ فصدائرهْ

فشركٌ فأمواهُ اللَّديدِ فمنعجٌ ... فوادي البديِّ غمرهُ فظواهرهْ

منازلُ من هندٍ وكان أميرها ... إذا ما أحسَّ القيظَ تلكَ مصايرهْ

صلي مثلَ وصلي أمَّ عمرٍو فإنَّني ... إذا خفتُ أخلاقَ النَّزيعِ أُدابرهْ

وأبيضَ خيرٍ منكِ وصلاً كسوتهُ ... ردائي فيما نلتقي وأسايرهْ

وإنّي لتغشى حجرةَ الدّارِ ذمَّتي ... ويدركُ نصري المرءَ أبطأ ناصرهْ

وإنّي إذا ابنُ العمِّ أصبحَ غارماً ... ولو نالَ منِّي ظنَّةً لا أهاجرهْ

يكونُ مكانَ البرِّ منِّي ودونه ... وأجعلُ مالي ماله وأُؤامرهْ

فإنَّ ألوكَ اللَّيلِ معطًى نصيبهُ ... لديَّ إذا لاقى البخيلَ معاذرهْ

وإنِّي لينهاني الأميرُ عن الهوى ... وأصرمُ أمري واحداً فأهاجرهْ

بأدماءَ من سرِّ المهارى كأنَّها ... أقبُّ شنونٌ لم تخنهُ دوابرهْ

تصيَّفَ أطرافَ الصُّوى كلَّ صيفةٍ ... وواردَ حتَّى ما يلثّمُ حافرهْ

ولاحتهُ هيفُ الصَّيفِ حتَّى كأنهُ ... صليفُ غبيطٍ لاءمتهُ أواسرهْ

تلا سقبةً قوداءَ أفردَ جحشها ... فقد جعلتْ تاذي به وتناكرُهْ

رباعيَّةً أو قارحَ العامِ ضامراً ... يمائرها في جريهِ وتُمائرُهْ

إذا هبطا أرضاً حزوناً رأيتها ... بجانبهِ إلاَّ قليلاً تواترهْ

فحلأها حتَّى إذا ما توقَّدتْ ... عليهِ من الصَّمّانتينِ ظواهرهْ

وخالطَ بالأرساغِ من ناصلِ السَّفى ... أنابيشَ مرميّاً بهنَّ أشاعره

أرنَّ عليها قارباً وانتحتْ لهُ ... خنوفٌ إذا تلقى مصيفاً تبادرُهْ

فأوردها والنَّجمُ قد شالَ طالعاً ... رجا منهلٍ لا يخلفُ الماءَ حائرهْ

<<  <   >  >>