للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استحياء أو خجل بعد أن ذبحوا الموظفين. وهكذا تشرد الأغنياء, وساد الفقراء, وأصبح الناس في ذعر, ولم يعد هناك راعٍ مسئول ... إلخ" وتشير بردية أخرى -من عهد الأسرة العاشرة وتعرف باسم قصة الفلاح الفصيح١- إلى ظلم صغار الموظفين للناس؛ ولكنها من جهة أخرى تدل على تطور اجتماعي كبير؛ إذ نجد فيها أن الفلاح في شكواه لرئيس الديوان يحذره من عدم العدالة مذكرًا إياه بأنه سيحاسب على ذلك في آخرته، ولم يعثر في وثائق الدولة القديمة على ما يدل على أن أحدًا من العامة كان يجرؤ على مخاطبة نبيل أو عظيم بمثل هذا الأسلوب والوعي، ولا بد أن ذلك قد نتج عن الثورة التي حدثت في أعقاب الأسرة السادسة.

ولا شك أن أثر هذه الثورة كان عميقًا من الناحية الفكرية؛ فقد حفل الأدب بموضوعات شتى تبدو فيها النزعة الفلسفية من جهة وروح القلق التي سادت في أعقابها من جهة أخرى, ونتبين من هذه الموضوعات أن المجتمع نفسه لم يكن غافلًا عما كان يسوده من مساوئ؛ بل كان هناك شعور عام بها، ومن المرجح أن أهل هذا العصر أو عقلاءهم على الأقل كانوا يحاولون التخلص من تلك المساوئ ويعملون على إصلاح ما فسد من الأمور؛ إذ تصور لنا إحدى البرديات٢ حوارًا شيقًا دار بين شخص كان يرغب في الانتحار وبين روحه التي كانت تحاول إقناعه بالتخلي عن هذه الفكرة؛ بينما يرد عليها بما يفيد أنه ضاق بحياته وبرم بها، ويمكن أن نستشف من هذا الحوار صورة ما أحاط


١ Vogelsang, Kommentar zu den klagen des Bauern, "Leipzig ١٩١٣".
٢ Berliner Papyrus der Mittleren Reiches ١٨٧٩.,
Erman "Die Literatur des Aegypter" "Leipzig ١٩٢٣",
pp. ١٢٢ ff; J E A ٤٢, pp ٢١ ff

<<  <   >  >>