للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن آخر من انتصر عليهم كان رعمسيس الثالث الذي سمح لهم بعد ذلك بالهجرة إلى مصر مسالمين١، وقد وفد منهم عدد كبير ودخلوا في خدمة الجيش المصري كجنود مرتزقة، ومن بين هؤلاء الوافدين أسرة قوية كان يتزعمها "يويوواوا" وقد استقرت هذه الأسرة في إهناسيا "هرقليوبوليس" ونعمت بشيء كبير من النفوذ والسلطان؛ إذ تولى بعض أفرادها مناصب مختلفة ومنهم من تولى وظيفة كاهن معبد إهناسيا وقائد حرس المدينة في نفس الوقت, ثم أصبحت هاتان الوظيفتان وراثيتين في أسرته من بعده.

وتطور أمر هذه الأسرة وأصبحت من القوة والنفوذ؛ بحيث كانت تتصل بالملك رأسًا٢، وبينما كانت الأسرة الحادية والعشرون تتداعى وفي طريقها إلى الانهيار أخذت هذه الأسرة الليبية تقوى وتشتد حتى تمكن أحدها ويدعى شيشنق من أن يستولي على العرش وجعل مقر ملكه في بوبسطة "تل بسطة الحالية قرب الزقازيق" ومن المرجح أنه لم يجد الفرصة المواتية لاتخاذ هذه الخطوة إلا بعد وفاة آخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين وانقراض ذريته, كما يحتمل أنه كان قد زوج ولده من ابنة هذا الملك فاكتسب بذلك شيئًا من الحق في اعتلاء العرش بعد وفاة صهره، ويبدو أن كهنة آمون في طيبة كانوا أقل قبولًا لحكمه من أهل الدلتا وإن لم يستطيعوا إنكار حقه في العرش؛ إذ إنهم لم يعلنوا عن رضاهم ولم يعترفوا له بالملكية مباشرة ودارت بينه وبينهم مفاوضات


١ انظر أعلاه ص١٩٧.
٢ كان رئيس الأسرة الليبية القوية التي استقرت في إهناسيا يدعى شيشنق, وقد توفي ولده نمرود فدفنه في أبيدوس، وحينما اعتدي على قبر هذا الأخير لم يذهب الأب ليشكو لرئيس الكهنة في طيبة؛ بل ذهب إلى الملك الذي صحبه رأسًا إلى طيبة ليستفتي وحي آمون، ولما صدر حكم آمون على الجناة أرسل الملك تمثالًا لنمرود؛ ليوضع في أبيدوس على سبيل التعويض.

<<  <   >  >>