للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حول اعترافهم به، ويخيل إلينا أن هذه المفاوضات تعثرت في أول الأمر؛ لأنهم على الأرجح رغبوا في الحصول على المزيد من السلطة وتجريد الملك من بعض الحقوق التي كان يحتفظ بها، ومما يؤكد هذا الرأي أن لوحة في الكرنك عليها نص مؤرخ في السنة الثانية من عهد رئيس الماشواش١ الأكبر "شيشنق" بينما نجد على نفس اللوحة نصًّا آخر مؤرخًا بالسنة الثالثة عشرة من عهد الملك شيشنق, أي أنه في النص الأول كان يعتبر رئيسًا لليبيين فحسب؛ بينما اعترف به في النص الثاني كملك.

ومن المؤرخين من يرى أن طائفة من كهنة آمون لم تقبل الاعتراف بحكمه وفرت إلى بلاد النوبة؛ حيث احتمت في منطقة نباتا وجعلت منها عاصمة للمملكة التي أقاموها هناك؛ ولذا يرجح هؤلاء المؤرخون أن أصل الأسرة النباتية٢ يرجع إلى هؤلاء الكهنة ويستندون في ذلك إلى شدة ورع ملوك نباتا وإخلاصهم وتفانيهم في عبادة آمون وإلى أن بعض هؤلاء الملوك كانوا يحملون أسماء مصرية، كما يستنتجون عدم قبول حكم شيشنق أيضًا من قيام ثورة بالواحات الخارجية في السنة التاسعة عشرة من عهده؛ ولكن لا يمكن الأخذ بهذه الآراء؛ إذ ليس هناك ما يؤكد زيادة سلطان أولئك الكهنة في نباتا أو أنهم تمكنوا من الوصول إلى الحكم وتكوين أسرة مالكة فيها، كما أن تشابه أسماء بعض الملوك في نباتا مع الأسماء المصرية قد يرجع إلى أن بلاد النوبة كانت قد تأثرت بالحضارة المصرية منذ وقت طويل واصطبغت بها، كذلك يغلب على الظن أن ثورة الواحات الخارجية ترجع إلى كثرة وجود العناصر الثائرة بها؛ لأنها كانت تعتبر منفى للمجرمين وهؤلاء كثيرًا ما كانوا يرغبون في التخلص من منفاهم.


١ الماشواش هم المرتزقة الليبيون, انظر ١٩٨.
٢ نسبة إلى نبتة أو نباتا بالقرب من جبل البرقل عند الشلال الرابع في إقليم مروى بالسودان الشمالي.

<<  <   >  >>