للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يتضح فيها من تطور يدل على أن الانسان مر بأدوار حضارية مختلفة قبل دخوله في عصره التاريخي, ويعني هذا بالطبع أن دراسة العصر قبل التاريخي تعد دراسة حضارية في صميمها.

ومن اليسير أن نتصور أن الانسان بدأ حياته؛ إما هاربًا من وجه عدو من الإنسان والحيوان أو مطاردًا لفريسة منهما, وقد استمر كذلك فترة طويلة لم يتوصل فيها إلى شيء من الأسس الحضارية، وكان الكل سواءً في أنهم كرسوا حياتهم لجمع القوت الضروري لطعامهم وأخذوا ببعض قطع ملائمة من الأحجار أو فروع الأشجار يلتقطونها من الطبيعة ويستخدمونها كما هي دون تهذيب في أغراضهم المحدودة لجمع القوت والدفاع عن النفس والصيد. ويميل بعض الباحثين إلى جعل هذه المرحلة من حياة الإنسان مرحلة حضارية قائمة بذاتها, ويطلقون عليها اسم "فجر الدور الحجري" أو "العصر الأيوليثي"؛ ولكن غالبية العلماء لا يرون مبررًا لذلك بل يدمجون هذه المرحلة من حياة الإنسان في أولى مراحل العصر الحجري. ومن مخطط تقسيم البشر "ص٢٦ أعلاه" يتبين لنا أن عصر استعمال الحجر ينقسم إلى دورين رئيسيين: "الدور الحجري القديم" و"الدور الحجري الحديث" وقد يكون بينهما "دور حجري متوسط"؛ ولكن كثيرًا ما لا يعثر على آثار لهذا الدور في جهات مختلفة من العالم. وينقسم "الدور الحجري القديم" بدوره إلى ثلاثة أقسام حسب الترتيب الطبيعي للطبقات التي عثر على آثاره المتباينة فيها، وهذه الأقسام هي: الدور الحجري القديم الأسفل, والدور الحجري القديم الأوسط, والدور الحجري القديم الأعلى.

وقد ظل الإنسان ينعم بمناخ ملائم تتشابه ظروفه في أنحاء العالم التي عاش فيها أثناء الدور الحجري القديم الأسفل؛ حيث يرجح أنه يتفق وفترة تراجع الجليد الثانية التي حدثت بين عصر تقدم الجليد الثاني "مندل Mindel" وعصر الجليد الثالث "رس Riss"؛ ولذا تشابهت الحضارات خلاله، وفي الدور الحجري القديم الأوسط انقسم العالم القديم إلى قسمين كبيرين: أوراسي وإفريقي

<<  <   >  >>