للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المملكة حتى في أزهى عصور الإمبراطورية المتأخرة, كما يرجح أن عاصمته لم تكن حاتوساس بل كوسارا القديمة.

وخلف لابارناس على العرش حاتوسيليس الذي كان يتولى الحكم في كوسارا، وقد ألقى فيها خطابًا يعد مصدرنا الرئيسي عن الحالة السياسية في ذلك العهد، ومنه نتبين أن العاصمة في نهاية حكمه كانت حاتوساس وأن اسمه الأصلي لم يكن حاتوسيليس الأول بل كان لابارناس مثل أبيه، أي: إنه نقل عاصمة ملكه وغير اسمه، ولا بد أن تغيير العاصمة كان يرجع إلى أسباب إستراتيجية؛ إذ بدأت المملكة الحيثية في الاتساع جنوبًا وشرقًا في عهده والعهود التالية، أي أن الجيوش الحيثية قد خرجت من خلف حواجزها الجبلية واخترقت سلاسل جبال طوروس المنيعة التي لا يوجد بها إلا عدد قليل من الممرات، وربما كان الدافع إلى ذلك هو ثراء السهول الجنوبية وازدهارها وقدم حضارتها، وربما كانت أول مملكة اصطدم بها حاتوسيليس هي مملكة يامخاد الأمورية١ التي كانت عاصمتها حلب وكانت تسيطر على شمال سورية، ولا شك في أن هذه المملكة قد خضعت للحيثيين؛ ولكنها ثارت وخرجت عن سلطانهم بعد ذلك.

ولما تولى العرش مورسيليس الأول خلفًا لحاتوسيليس دمر يامخاد ولم يكتف بفتح سورية الشمالية؛ بل تتبع الفرات جنوبًا وقضى على المملكة الأمورية الكبرى في بابل حوالي سنة ١٦٠٠ ق. م. وبذلك انتهت الأسرة البابلية الأولى التي كان حامورابي أعظم ملوكها.

ويبدو أن النظام الداخلي في المملكة الحيثية لم يكن قد وصل إلى درجة من الاستقرار تهيئ لها الصمود, فقد ظهرت فيها علامات الاضطرابات منذ عصر الملك حاتوسيليس؛ إذ إن أفراد البيت المالك ثاروا عليه بقيادة ولي عهده ولكنه


١ انظر أعلاه ص٢٧٣-٢٧٤، ٢٧٨.

<<  <   >  >>