للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بدأ حمورابي في السنة الخامسة من حكمه بالاستيلاء على أيسين؛ ولكنه وجد أن قوته لا تسمح له بملاقاة "ريم سن" ملك لارسا ففضل الانتظار نحو ثلاثة وعشرين عامًا قضاها في الاستعداد, وفي السنة التاسعة والعشرين تقابل مع الملك العيلامي ريم سن في حرب قاسية استطاع الانتصار فيها، وكان هذا الانتصار حدثًا في تاريخ العراق أرخ به المؤرخون, ومن جرائه تغنى شعراء بابل بعظمة حامورابي ورتلوا الأناشيد من أجله في المعابد.

ولما زال خطر العيلاميين تمكن حامورابي من مد سلطانه شمالًا إلى أعالي نهر دجلة؛ فاستولى على مملكة أشنونا وضمها إلى إمبراطوريته كما ضم إليه بلاد الأشوريون؛ إذ تمكن في السنة الثانية والثلاثين من حكمه من الاستيلاء على عاصمتهم الغربية ماري، وحين اكتشف أرشيف قصر هذه المدينة عثر فيه على أكثر من ٢٠ ألف لوحة طينية, من بينها مجموعة من الرسائل المتبادلة بين ملوك المدينة وغيرهم من حكام المدن الأخرى وملوكها، ومن أهمها رسائل تبودلت بين الملك "زمرى ليم" "Zamrilim" وبين حمورابي, كما أن إحدى هذه الوثائق تثبت معاصرة الملك حمورابي للممك "شمسي أدد الأول" ملك أشور, كذلك تمكن حمورابي من الوصول بحدوده جنوبًا إلى الخليج العربي، ويعد عصره العصر الذهبي لبلاد العراق القديم من حيث الرخاء، ومن حيث الرفاهية التي كانت تنعم بها.

وتعد مجموعة التشريعات التي سنها وهي المشهورة باسم "قانون حمورابي" أهم ما قام به من إصلاحات، وقد وجدت نسخة من هذا القانون على كتلة من الديوريت عثر عليها في أطلال "سوسة" وتبلغ مواده نحو ٢٥٠ مادة، وقد حدد العقوبات التي يستطيع القضاة توقيعها في حالات معينة، أما إذا لم يرد نص يختص بجريمة ما فإنه أشار إلى أن الحكم يجب أن يكون حسب العرف السائد في المنطقة، ومن الملاحظ في هذا القانون أنه كان قاسيًا

<<  <   >  >>