للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أثنائه وكانت بعض القوى الجديدة تظهر ثم لا تلبث أن تختفي لتحل محلها قوى أخرى، وهكذا نجد دولة البحر في جنوب العراق والكاشيين في الوسط والأشوريون في الشمال والشمال الشرقي؛ وبينما كان الأشوريون يجاهدون في الانفصال عن الكاشيين نجدهم لا يلبثون أن يخضعوا للميتانيين. ومن جهة أخرى كان الميتانيون ينافسون الحيثيين الذين استطاعوا القضاء على دولة بابل الأولى والسيطرة على شمال العراق وسورية واتسعت إمبراطوريتهم تدريجيًا حتى اصطدموا بالمصريين في عهد الدولة الحديثة, التي كانت حينئذٍ تسيطر على أكثر مناطق العالم القديم المعروفة، أما عيلام فإنها لم تتمكن من أن تعيد قوتها مباشرة بعد أن قضى عليها حمورابي، وفي نهاية هذا العهد تعقدت العلاقات الدولية وتبادل الملوك الرسائل وقامت بينهم المعاهدات والمصاهرات الدولية.

وقد اختلف المؤرخون في أصل الكاشيين ولم يصلوا إلى رأي في هذا الصدد، وكل ما نعرفه عنهم هو أنهم جاءوا من منطقة في وسط جبال زاجروس كما أشرنا، وما أن احتلوا بابل حتى تأثروا بالحضارة البابلية ووحدوا بين آلهتها وبين آلهتهم، وقد حكم منهم في بابل ٣٦ ملكًا كان أولهم الملك جنداش "Gendach".

وقد نجح الكاشيون في القضاء على مملكة البحر في جنوب العراق١؛ وبذلك ثبت نفوذهم في بابل، وتشير وثائق وخطابات تل العمارنة٢ إلى وجود علاقات ود وصداقة بين أمنحتب الثالث والملك الكاشي المعاصر له٣، ولم يستمر عهد الكاشيين طويلًا بعد ذلك؛ لأن الأشوريون في الشمال أخذوا يحتكون بهم حينما أرادوا توسيع مملكتهم لأن دولة ميتاني ودولة الحيثيين كانتا تقفان لهم بالمرصاد


١ انظر أعلاه ٣٦٨ وما بعدها.
٢ عاصمة إخناتون, انظر ص١٧٨.
٣ الملك "كادشمان خاربي" على الأرجح.

<<  <   >  >>